facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




معنا أو علينا


فيصل سلايطة
18-05-2021 05:13 PM

يستطيع القارئ البسيط للمشهد الحاصل في فلسطين أن يستشعر تغيّر ردة الفعل أو حتى طُرق التعاطي مع هذه القضية الشائكة , فهذه المرّة بظروفها و حيثياتها ليست ككل مرّة , و كأنّنا نحن العرب أدركنا بأنّ وسائل التواصل الاجتماعي ليست فقط تلك المساحة التي نُشارك بها يومياتنا و أخبارنا , صورنا و مشاكلنا , بل لوسائل التواصل القدرة الكبيرة على قلب موازين أعنف القوى و إرضاخها لرأي و صوت الأغلبية مهما كان صوتها في السابق خافتاً .

أصبحت قضية فلسطين و الظلم الواقع عليها و على أهلها معياراً أخلاقيا نسفَ كل التقييمات التي كان البعض يبنيها للأشخاص في السابق , فذلك رجل الدين الذي يُصدّر عن نفسه صورة العدل و الإحسان و الطيبة الذي لم يقف لنصرة القضية هو الآن تحت النّار و النقد , حتى تلك التي كان يُنظر اليها كمثال للقذارة أصبحها أسمها مسموعاً أكثر فقط لوقوفها مع الحق , حتى موازين الشرف و الطيبة كلها تعدّلت لتأتي بعد الوقوف مع القضية و نصرتها , فالشرف ليس فقط في عدد قطع الملابس التي نلبسها , ولا الإيمان بعدد ساعات الصلاة أو تحمّل الصيام , فالشرف و الإيمان الحقيقيان هما في الضمير المُستيقظ دائماً , الذي لا يُباع أو يُشترى ولا يُقايض عليه أيضاً.
في القضية الفلسطينية على وجه التحديد هنالك أوراقٌ خُلِطتْ عن غير قصد , و هنالك مسائلٌ تشعّبت كان يُستحسن أن توضع بها النقاط على الحروف , فإن أخذنا القضية من منظور ديني بحت سنجد بأن الكثير من اليهود يقفون ضد الإحتلال جنباً إلى جنب مع أصحاب الأرض الفلسطينيين , و هنا في هذه الأوقات يجب أن نكسب هذه الأصوات و نعي أهميتها لهدم هذا الكيان العنصري الفاشي من الداخل , فعندما نلعن اليهود نحن نخسر أصواتاً نشترك معها في الإنسانية التي تملي علينا الوقوف مع الحق الفلسطيني , و هنا يجب التفريق بين الصهيونية كحركة استعمارية قائمة على تأليب الشعور الديني و ربطه بالشعور القومي , و اليهود كبشرٍ عاديين نشترك معهم في الإيمان بالله تحت عباءة أبو الأنبياء إبراهيم.

قبل أن تتشكل الحركة الصهيونية التي شرعت في جمع اليهود من كل أنحاء العالم , كان عالمنا العربي يعجّ بالإختلاف الغني , الذي يعمّر ولا يهدم , ففي سوريا مثلا عاش اليهودي جنباً إلى جنبٍ مع المسيحي و المسلم , و عانوا جميعاً صعوبات الحياة و تحدّوا الظروف سوياً و تجاورا و تصادقوا , و التاريخ يعجّ بحكايا تجمعهم.


إذن لماذا علينا التفريق بين الحركة الصهيونية و الديانة اليهودية أو اليهود كبشر ؟

لأنّ هذا ما لا يُريده الاحتلال ليُبقي مخططاته الموجهة لليهود قائمة بلا أي معوّقات , فاليهودي المناصر للقضية الفلسطينيّة عندما يُشتم من منطلق ديني بحت , سوف يعيد حساباته و الجانب الذي يناصره و يقتنع شيئاً فشيئاً بمبادئ دولته التي تحاول إقناعه بأحادية حقها بالأرض و الشجر و الصخر .

لذلك من واجبنا كعرب ننادي بحقنا الأصيل في دولة مستقلة يعيش بها إخوتنا بكرامة أن نُفرّق و نتعلم فصل الأديان عن الحركات أو المُنظّمات المختلفة , تماماً كما نرفض إعطاء صبغة المسيحية لمن قتلوا الهنود الحُمر في أمريكا أو داعش و فصلها عن عمق الدين الإسلامي , لذلك علينا أن نعي بأنّ الحركة الصهيونية هي في الأصل تخالف لمبادئ الدين اليهودي و بأنّ العديد من اليهود في دولة الإحتلال هم ضد دولتهم و تمارس ضدهم شتى أنواع الضغوطات لثني إنسانيتهم عن الوقوف مع الحق , و ببحث سريع على شبكة الانترنت نستطيع بسهولة رؤية بعضهم حاملين ليافطات تناصر القضية و تلعن الإحتلال في داخل و عمق الاحتلال أو حتى في مختلف دول العالم .

عندما نُعيد ترتيب أوراقنا و نعي جيدا من معنا و أو علينا , نحن بذلك نواجه الإحتلال بالعِلم و الثقافة الذي يُفيدان أكثر من العاطفة التي قد تكون مبنية على نقص الحقائق , فهذا زمن الحقائق التي من أجلها تدفع القوى المظلمة أبهظ الأثمان لطمسها أو تحريفها .
فعلى سبيل المثال لا الحصر هنالك حركات يهودية عددية تُعادي الاحتلال كحركة ( ناطوري كارتا ) تعارض الصهيونية بكافة أشكالها و ترفض وجود الدولة العبرية , تعدادهم ما يقارب 5000 شخص و يتواجدون في القدس و نيويورك و لندن .

لذلك علينا أن نحافظ على هذه الأصوات و غيرها في صفنا و لا ننجر نحو العاطفة غير المسؤولة التي تخلط الصالح بالطالح .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :