إن عالم السياسة أبعد ما يكون عن العواطف والإنفعالات .. فالمصالح على كافة أنواعها هي المحرك والموجه في إتخاذ القرار .

إن طرد السفير الإسرائيلي من عمان هو طلاق عاطفي إنفعالي بعيد كل البعد عن السياسة ولا يراعي المصالح اللوجستية لأهلنا داخل فلسطين .. ويكون بمثابة عقاب هزيل لأم ناشز آخر همها مصلحة الأبناء.

إن الرابح الرئيسي للعلاقات الأردنية الإسرائيلية في ظل ظروف الهوان للأمة العربية وإنحياز المجتمع الدولي للعدو الصهيوني .. هو الشعب الفلسطيني داخل فلسطين.

ذاكرتنا للتجارب المؤلمة ليست البعيدة، تؤكد أن مجريات الأحداث ومواقف الدول العربية، ما كان وما سوف يكون أصبحت معروفة.

فالحصار والقصف الهمجي على مدن فلسطين وعلى مقر الراحل ياسر عرفات ما بين عام 2002 وعام 2004 ، والحرب الغاشمة على غزة عام 2014 وعام 2019 ، وكانت أعداد الإصابات والشهداء هائلة ، والدمار الشامل لكافة المنشآت الرسمية والمدنية.. فكان الأردن هو الرئة التي يتنفس بها والشريان النابض بالحياة لأهل الصمود.

وفي ظل عدم قيام الدول العربية والإسلامية على مستوى الحكومات بأي إجراء عسكري أو سياسي ، والإكتفاء بإصدار بيانات هزيلة ، لم ترتقي لمستوى يجعل العدو حتى بإعادة التفكير لوقف الحرب ، بل أن بعض هذه الدول ساهم في زيادة الخناق ، وبريء الذمة من قام بإرسال معونات عبر القنوات الأردنية للمناطق المنكوبة داخل فلسطين.. والكثير من الشجب والإستنكار والتنديد.

هذا هو الحال في هذه الأحوال ..

إن التجارب والذاكرة الحية لدينا اثبت أن إبقاء شعرة معاوية مع إسرائيل ، وإنعاش الشريان النابض بالحياة بين الأردن وفلسطين ، ضرورو ملحة تساعد على التخفيف من وطأة المعاناة التي يشهدها الأهل في فلسطين.. وذلك أضعف الإيمان.

إن الشعب الفلسطيني داخل فلسطين يسدد فاتورة التخاذل والهوان نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية في مجابهة العدو الأزلي الذي يستهدف المقدسات والأرض والعرض .. وحاول جاهدًا النيل من الكرامة الأبية وباءت هذه المحاولات بالفشل الذريع، لا بسبب قوة الجيوش.. وإنما بسبب وجود أبطالٍ رضعوا الشجاعة والمجد من أُمهاتٍ أصروا على البقاء والدفاع عن أرض الرباط .

إن شعبنا في فلسطين يستحق من القيادة الأردنية الإبقاء على شعرة معاوية مع اليهود وبقاء القنوات والمعابر الوحيدة مفتوحة .. مع التأكيد على أن مقياس التقارب والتباعد هو مصلحة الأهل في أرض الرباط .