لم أعتد في حياتي أن أشاهد مثل هذا التلاحم الكبير بين أبناء الشعبين الأردني والفلسطيني, جميع أبنائي يستمعون إلى أغان تمجد فلسطين، وكأنهم في تلك البلاد المقدسة التي باركها الله, نعم أجواء ترفع العزيمة للوقوف إلى جانب أبناء فلسطين وخاصة أهلنا في غزة الصمود، حديث ابني ذو السادسة من عمره عن غزة ومتابعة الأحداث معي وتنقلي من قناة إخبـارية إلى أخرى دون أن يطلب كالمعتاد أن يكون التلفاز على قنواته المحببة الخاصة بالأطفال.
حديث العيد كان دمعة لأجل غزة والشيخ جراح، ودمعة فرح لأرواح الأبطال المجيدة وقدرتهم على مجاراة هذه الماكينة التدميرية من جانب الكيان الصهيوني المتغطرس، الذي بلغ من انهياره حدا لم يعد يحتمله هذا العالم, كنا نبكي عند مشـاهدة هذا الدم الزكي من أطفال بعمر الورود, كنا نبكي وندعو الله أن يقف إلى جانب الآباء وهم يودعون أسرهم بأكملها برباطة جأش قل نظيره ولن تجدها فقط في أرض فلسطين, كل بيت أردني كان في قلب الحدث ومتابع بشكل لم يسبقه له أي شعب آخر ونتابع ونبحث خلف أي خبر, كل الأحداث المصورة نبحث عنها ليكون لنا روحا جديدة تعيد لنا ولهذه الأمة بعض الذي ذهب من قوامنا وهيبتنا أمام الآخرين.
مهما فعلنا لأجل فلسطين سنبقى نطلب المزيد, تستحق منا الكثير والسعي لإثبات أن فلسطين التي بارك الله بها هي أرض العرب ومقدساتها قبلة المسلمين ولن ننساها لحظة واحدة, أرسلنا وسنرسل الدواء وكل ما يستلزم لاستمرارية القطاع الطبي وجدواه في تقديم العلاج للجرحى, مستشفياتنا في غزة منذ عشرة أعوام وهي تقدم الخدمة الطبية لأبناء غزة وهو حق لهم, نعم حق الأخ على أخيه أن يسانده ويقدم له الغالي والنفيس, الأردن الأقرب إلى فلسطين ومدافع شرس لإحقاق الحق وبذل كل الطاقات لتكون قضــــــــــــــــية الشعب الفلسطيني في صدارة القضايا العالمية والتي للأن تثبت عجز العالم المتحضر ونحن في القرن الواحد والعشرين عن القيام بدوره في إقرار العدالة للشعب الفلسطيني.
المشاهد الحية للمظاهرات في جميع مناطق المملكة يثبت للجميع بأن فلسطين هي قضيتنا الأولى، الزحف الشعبي المعبر للحدود دليل قوي بأن الشعب الأردني وصل لقناعة بان فلسطين ستبقى هي غايتنا وكرامتنا ولنا دور في بذل كل ما نستــــــــــــــــطيع لتبقى هذه القضية حية ولن تموت، قيادتنا تتواصل مع زعماء العالم لوضع هذا الأجرام الصهيوني في مقدمة المناقشات العالمية» دبلوماسية دولتنا في حراك فعال مع العالم بأكمله لوضع حد للتصرفات الهمجية من جانب الكيان الغاصب. يحيرك عندما تسمع رئيس الولايات المتحدة يتحدث بأن الكيان الصهيوني له الحق في الدفاع عن نفسه، ستبقى أميركا في قمة البغض العالمي، وإن كنا نتأمل خيرا بهذا الرئيس, ألم تبدأ القوات الصهيونية التعدي منذ أشهر على المقدسـات والمصلين أمام أعين العالم؟ ألم تنكل هذه القوات الصهيونية بسكان حي الشيخ جراح دون تدخل يذكر؟ أي دفاع عن النفس يتحدث به بايدن وزمرته, أملنا في أحرار هذه الأمة والشعوب الحية وأصحاب الضمائر في العالم أن تكون فلسطين هدف الخلاص بقايا الظلم والتعدي على حقوق الشعوب.
الرأي