عند قراءة التقارير السنوية للشركات وكلمات رؤساء مجالس الإدارة التي تتصدر تلك التقارير تلمس لغة الاعتذار ، والتركيز على الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وكأنهم كانوا سيحققون المعجزات لولا هذه الأزمة التي خفضّت أرباحهم أو حولتهم من الربح إلى الخسارة.
اللغة الاعتذارية في التقارير والتصريحات الصحفية تؤخذ كاعتراف بالفشل ، فالفاشل هو الذي يبحث عن أعذار تبرر فشله ، فيجد الأزمة العالمية جاهزة للاستعمال.
على الذين يركزون على الأزمة العالمية كمبرر لفشلهم الإداري أن يوضحوا كيف أثرت الأزمة سلباً على أعمالهم ، ولماذا يتجاهلون تأثيراتها الإيجابية وفي المقدمة انخفاض أسعار المحروقات والمواد الخام المستوردة من الخارج ، التي كان من شأنها تحسين أوضاعهم لا تراجعها.
المفروض نظرياً أن الأزمة العالمية ساعدت بعض الشركات الأردنية ومكنتها من زيادة أرباحها ، ولذا فإن على الشركات المتعثرة بسبب فشل إداراتها أن تقول أن الأرباح هبطت بالرغم من الأزمة العالمية وتداعياتها الإيجابية ، وليس بسبب تلك الأزمة التي لا نعرف كثف أثرت على اقتصاديات أية شركة أردنية هامة.
هذا لا يعني أنه لم تكن هناك أزمات محلية مؤثرة ، وخاصة في القطاع العقاري ذي المشاريع الكبيرة ، فهناك بنوك ومتعهدون فرعيون تضرروا ، ولكن الأزمة العالمية بريئة ، ولم تسبب هذه الأزمة المحلية التي تعود للقيام بمشاريع كبرى تفوق القدرة التمويلية للشركة.
نعم شهدت سنة 2009 صعوبات متعددة وأعطت مؤشرات سلبية مثل تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي ، واتساع عجز الموازنة العامة وارتفاع المديونية ، ولكن كل هذه العثرات صنعت محلياً ، ولم تفرضها علينا الأزمة العالمية.
لو كانت الأزمة شاملة ولم يسلم منها أحد ، فلماذا حققت الصين نمواً يناهز 10%. ولماذا حققت الهند نمواً يقارب 8%. ولماذا حققت بعض البلدان فوائض في موازينها التجارية ، علماً بأن عجز بعض البلدان يقابله فائض بلدان أخرى ، فالعالم ككل متوازن ، والسؤال ما إذا اختار أي بلد أن يكون في جانب البلدان التي تشكو من العجز المتزايد أو من البلدان التي تتمتع بالفائض.
صحيح أننا نعيش في عالم واحد ، ولكن في عالم اليوم دول ناجحة ودول فاشلة ، وفي كل دولة شركات ناجحة وأخرى فاشلة.(الرأي)