نتائج ما يجري في فلسطين المحتلة، خطيرة على الاحتلال ذاته، ولو كان هناك خبراء في إسرائيل يحللون الخلاصات، لتوصلوا الى نتائج لا يمكن تجاوزها ابدا بعد هذه السنين.
بعد ثلاث وسبعين سنة وعلى مشارف ذكرى تأسيس دولة الاحتلال، تتجدد الخلاصات، لكن بطريقة مختلفة، والغضب الذي بدأ من المسجد الأقصى، وامتد الى كل فلسطين، حقق تأثيرا اكثر بكثير من تأثير المواجهة العسكرية، داخل فلسطين المحتلة، وهناك نتائج مختلفة، يراها الكل، دون استثناء، بمن فيهم خبراء الاحتلال، ومحللوه، الذين يعيشون صدمة الآن.
أول هذه الخلاصات ان المسجد الأقصى، خط لا يمكن تجاوزه، مهما حاولت إسرائيل كسر هذا الخط، او مس المسجد، او إدخال المستوطنين، او التحكم بمن يدخل او لا يدخل، فقد اثبتت الهبة الشعبية في فلسطين، ان كل حالة السكون الزائفة، تنهار عند محاولة الاقتراب من المسجد، وهذا يعني ان المسجد يجب ان يخرج من حسابات الإسرائيليين كليا.
ثاني هذه الخلاصات ان إسرائيل غير مقبولة في المنطقة، عموما، وغير مقبولة داخل فلسطين، اذ برغم كل القمع والقتل والتشريد، ومحاولات تقسيم الفلسطينيين الى مجموعات، وحشر بعضهم في غزة، او الضفة الغربية، او اغراقهم بالحياة في فلسطين المحتلة العام 1948، او بمنحهم اقامات مؤقتة في القدس، إلا ان الروح بقيت واحدة، وانهارت الخطوط الوهمية التي تمت صناعتها على مدى عقود، ليثبت ان هناك شعبا واحدا، اتصل بطاقته في ليلة واحدة، معا، من اجل شأن واحد، وكل هؤلاء قالوا لإسرائيل انها محتلة، وغير مقبولة.
ثالث هذه الخلاصات، ان القتل والقوة العسكرية، لا يغيران من الواقع شيئا، لأن إسرائيل منذ اكثر من سبعين سنة، وهي تقتل وتشرد وتسجن، فلم يتغير شيء، ولم يحصل هؤلاء الا على أمن مؤقت، سرعان ما ينهار، وكلما تم التنكيل بجيل، جاء جيل جديد، استرد ذات الروح، ووقف في وجه إسرائيل، بطرق مختلفة، وهذا يعني ان محنة الاحتلال مستمرة، والازمة لن تتوقف، وكل الالتفاف على جذر الازمة، أي ازمة الاحتلال، بحلول مؤقتة، لم يؤد الى استقرار الاحتلال داخل فلسطين، بل على العكس، يأتي كل جيل بأدوات مختلفة.
رابع هذه الخلاصات يقول ان جاذبية المشروع الإسرائيلي تنهار بشكل كبير، فحتى لو لم يتعرض الإسرائيلي الى اضرار مباشرة وسط هذه الظروف، سيسأل نفسه عن السبب الذي سيبقيه وسط هذه الظروف، وامام هذا الرفض الفلسطيني، وامام الاخطار، وسقوط نموذج الدولة القوية التي مهما قتلت وفعلت، لا تستطيع حماية نفسها تماما، وهذا يعني ان رغبة الإسرائيلي على مستوى الفرد والعائلة، بالبقاء سوف تنخفض جدا، وسيبحث عن بديل.
خامس هذه الخلاصات، ان إسرائيل ذاتها، تواجه ازمة في داخلها، ازمة المتدينين والعلمانيين، وحتى ازمة تشكيل الحكومة التي يفشلون في تشكيلها، وسوف تزيد الظروف الحالية من التعقيدات، خصوصا، في ظل توظيف الانفجار الحالي، في صراع تشكيل الحكومة الإسرائيلية بين نتنياهو ووزير دفاعه، ومن يحاول منهما اغراق الآخر، في هذه الرمال المتحركة، في ظل فشل عسكري، تجلى بقضايا كثيرة، سنرى ارتدادها داخل إسرائيل بعد ان تهدأ المواجهات الحالية، والفواتير التي سوف يدفعها مسؤولو الاحتلال من الإسرائيليين، امام هذا الفشل، وهذه مرحلة مقبلة على الطريق، سنراها قريبا بين اركان الاحتلال.
سادس الخلاصات، يرتبط بجوار فلسطين، اذ على الرغم من كل الظروف الصعبة في كل جوار فلسطين، الا ان جوارها قال لإسرائيل انها مرفوضة، وان الكل ينتظر توقيتا ما، للثأر من سياساتها، وممارساتها، ضد الشعب الفلسطيني، والمنطقة، فتسأل نفسك عن مشاعر الاحتلال، وهو يرى كل هذا الغضب في الأردن، ومصر، وسورية، ولبنان، ودول ثانية، واذا ما كان قادرا الى مالا نهاية على الاستمرار وسط محيط معاد له بكل ما تعنيه الكلمة.
الخلاصة السابعة، ان مشروع يهودية الدولة، قد تشتد المطالبة به الآن، بعد انفجار فلسطينيي 1948، إلا ان مشاريع التطهير الديني والعرقي، باتت مستحيلة، وإسرائيل ذاتها اليوم تدفع ثمن الثبات الديموغرافي الفلسطيني في كل مكان في فلسطين، وهو تواجد اصيل، وغير مؤقت، ولديه ادواته في معاندة الاحتلال، ولا يمكن تليينه، او كسر ارادته، او ترحيله.
كل هذه الخلاصات، وغيرها، تقول ان إسرائيل لن تبقى.
(الغد)