مع انطلاقة الحرب الجديدة والتي تدور رحاها بين قوى المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني بعد الاقتحامات المتعمدة للمسجد الأقصى ومنع الصائمين الفلسطينين من أداء صلواتهم وشعائرهم الدينية وحركة التهجير القسري لأهالي ضاحية الشيخ جراح ، ومع تصاعد وتيرة الهبة الشعبية والمقاومة المسلحة والتحاق فلسطين الداخل بحركة مقاومة العدوان ، دخلت المنطقة في حقبة جديدة لها ما سيتلوها من أحداث ومن أهم نتائجها المنظورة سقوط نظرية التفوق العسكري والجيش الذي لا يقهر وبالتالي سقوط الأسس التي بني عليها الكيان وتنذر بأفول نجم المشروع الصهيوني برمته . ندرك أن هذه الحرب ليست أم المعارك وليست حرب التحرير الشعبية ولكن هذه الحرب نسفت كل أكذوبة المجتمع الدولي وحل الدولتين وأن هذا الكيان زائل لا محالة.
من هنا يجب أن نقطف ثمار هذه المعركة في المجال الثقافي واللغوي . لقد خدرتنا قوى العدوان وأدخلت إلى قاموسنا في غفلة من الزمن جملة من المفردات صرنا نرددها كساسة وأعلاميين وقراء كببغوات دون أن ننتبه لسذاجتنا وأن هذا الاستخدام أسس لشرعية صهيونية للمحتل وبتنا نطارد الكلمات وتطاردنا من غير وعي.
لقد تسرب لنا مصطلح عرب الداخل وعرب الخط الأخضر وعرب اسرائيل ونسينا في غمرة الاستسلام أن هؤلاء من قبضوا على الجمر وتحدوا المجازر وتمسمروا في أرضهم ، إنهم قطعة عزيزة من لحمنا ودمنا ولم نجعل لهم أي حقوق في الحلول المتداولة وتخلينا عنهم بثمن بخس . ها هي اللد وحيفا ويافا والجليل والنقب وعارة وطمرة والناصرة تقول لنا تباً لكم أيها الخانعون نحن هنا لم نرحل نحن فلسطين وفلسطين نحن . نحن فلسطينيو اليد واللسان ، لو نسينا كل العالم لن ننسى أنفسنا.
ونردد بغباء كل الأسماء التي ابتدعها الكيان لمدننا وقرانا وشوارعنا . لماذا نقول مطار بن غورين وهو مطار اللد ، ولماذا نقول تل أبيب وهي تل الربيع ولماذا نقول ايلات وهي أم الرشراش ولماذا ننتخب ونصوت ونسمى أعضاء كنيست ولماذا نعترف بكل ألاسماء العبرية لمدننا وقرانا . ولماذا نقول المدن الإسرائيلية وهي مدن لها أسماء عربية ولماذا نقول شمال اسرائيل وهي شمال فلسطين . ومنذ متى كانت القدس شرقية وغربية ؟
إن حرب الكلمات لا تقل خطورة عن حرب الدبابات .وهذا يستدعي من الكتاب والشعراء والساسة والاعلاميين أن ينتبهوا لهذه المعركة وعدم الاستهانة بها.
لقد وفر لنا صمود المقاومة وفشل الصهاينة فرصة لنفيق من غفوتنا ونضع الأمور في نصابها . ان انتصارنا في معركة الكلمات لهو مقدمة لانتصارنا في حرب الدبابات.