العيد .. احساس مشروع بالفرحة
فيصل تايه
13-05-2021 08:10 AM
يحل علينا عيد الفطر السعيد ، مع النسمات الأولى من صباحه ، مرحبين بقدوم يوم المودة والصلة والخير والعتق من قيود النفس الشحيحة ، بعد انقضاء فريضة الصيام ، فقد مضت أيام شهر رمضان المبارك على عجل ، قضيناها في التقرب إلى الله ، لكننا نستقبل عيدنا هذا بقليل من مظاهر الفرح ، وسنبقى حذرين من تجمعات الأهل والأصدقاء والأحبة ، فعيد " زمن كورونا" وللسنة الثانية على التوالي يخلو من اكتمال الفرح والبهجة التي كنا ندركها في أعيادنا واعتدنا عليها ، حيث كانت تختزل كلمة "عيد" في حروفها ومعانيها ومراميها كل ما هو جميل وخير ، لانها تنطلق من مناسبة حيوية مهمة ، حيث نعيش فيها الفرح الكبير ، محاولاً أن يمدّ هذا الفرح من خلال ما يمدّ به المناسبة في الذكرى تارةً ، وفي الممارسة التي افتقدناها تارة أخرى ، اضافة للمعاني والدلالات الربانية الروحانية التي لا يدركها إلا الأتقياء الذين يلتزمون أوامر الله ويجتنبون نواهيه ويقفون عند حدوده ويعظمون شرائعه وتعاليمه.
ومع احساسنا المشروع بالفرحة ، فالعيد يأتي ليجدد محبتنا لأنفسنا التي ذابت في ملفات الهموم ، وضاعت في ظروف تزداد صعوبة وحياة تزداد تعقيداً ، ومع كل تلك الإفرازات السلبية التي تحاصرنا ، كنا نحاول ان نبتعد عن كل المنغصات في إحساسنا المفعم بالسعادة ، حين تتجلى فيه معاني الأخوة والإنسانية ، لكن عيدنا هذا يأتي مجرد لبهجته ولحماسته ، وبمشاعر مخلوطة بالخوف ومليئة بالحزن على الانسانية التي عم فيها الوباء ، والتي باتت مسرحاً لتفشي هذا الفايروس القميئ ، فالعيد صعب على الجميع باثر جائحة كورونا ذات التداعيات الخطيرة على كافة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ، حيث لا زالت الأعباء المالية الملقاة على عاتق المواطنين بعد أكثر من عام ونصف تتكدس وتزداد تعقيداً ، وبشكل ساقهم إلى منحنيات معيشية خطيرة في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية يشهدونها ، إضافة إلى الأوضاع الإنسانية الماساوية في مشارق الأرض ومغاربها.
وفي احساسنا المشروع بالفرحة ، نعيش مأساة اخوتنا في فلسطين الحبيبة المرابطون الصامدون ، وندعو الله أن يكون معهم وفي عونهم ، فهم يحيون فينا أسمى معاني الصبر والرباط والجهاد ، ويصوّبون بوصلة الأمة من جديد إلى اتجاهها الصحيح ، وهم يعضون على جراحاتهم وآلامهم ، فبصدورهم العارية وعزيمتهم الجبارة يواجهون بطش المحتل وآلة القمع الصهيونية ، كما وندعو الله عز وجل ان يكون مع المعوزين والمنكوبين واللاجئين ، وان يكون مع امهات المفقودين والمصابين في دول الانفلات والاضطراب والظلم والنكبات المتوالية.
ومع احساسنا المشروع بالفرحة ومع اشراقة صبيحة العيد تعودنا ان نتقرب إلى الله بصلة الأرحام ، ونتعاظم في السباق على التصافح والعناق ، ومدّ الأيدي لبعضنا البعض ، ونسعد بانهاء الأحقاد ونذيب الفوارق بيننا ليظهر الإيثار ، وننهي القطيعة ونمنع الأذية ونتداول فيه الهدية وتصفى النفوس وتغسل الادران وتلتقي القلوب الرحيمة والأفئدة الرقيقة لتبدأ مع العيد صفحة جديدة من الألق والرخاء والصفح الجميل الذي تضئ به القلوب ويشع فيه نور الحب والتسامح ، ويتحلق الأحباب والأصدقاء والأهل بود ومحبة ، في إطار عائلي مترابط ومتلاحم ، يمارسون طقوسهم في الزيارات والتواصل بين الأهل وذوي القربى .
لكننا وفي ظل هذه الأجواء المفروضة نقول "الله المستعان" ، فدعونا نستشعر بالعيد بعيداً عن إحساس التأنيب المستمر ، والجلد الذاتي الذي نمارسه على أنفسنا ، فبالرغم من كل تلك الظروف التي لن تثنينا عن التهليل والتكبير وصلاة العيد بالتباعد ، فلنعاود للاحتفال بالعيد في «زمن كورونا» مع أبناءنا بشكل مختلف عما تعودنا عليه ، نزين منازلنا، ونمد موائد الحلويات والأطعمة اللذيذة ، ونملأ البيت بالفرح والسعادة بالهدايا التي يفرح بها أبناؤنا ونفرح معهم ، ونزداد قرباً منهم ووثاقة لصِلاتنا معهم .
وأخيراً سيبقى العيد هو الفرحة التي تقتحم قلوبنا ، وسنظل نحتفي به وندعو الله في كل عيد أن تأتي الأعياد القادمة وقد رفع الله عنا الوباء والبلاء ، وقد تحققت كل امانينا بنصرة الأمة ، كما ونسأله تعالى أن يحمي المسجد الأقصى قبلتنا الأولى، وأن ينصر المرابطين فيه ، وفي غزة هاشم وسائر الوطن المحتل وان يوحد كلمة المسلمين ، وان يديم الأمن والسلام على الأردن وان ينعم بها على كل بلاد العرب والمسلمين، وخروجاً لامتنا العربية من براثن الفتن والمحن ما ظهر منها، وما بطن ، وأن يعيد للعرب أمرهم ولم شملهم ويؤاخي بينهم وينصرهم على أعدائهم.
بقي أن انتهز هذه الفرصة لاقدم اجمل التهاني الى سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين والعائلة الهاشمية ، متمنيا ان يعيده الله على جلالته وعلى الاسرة الهاشمية الكريمة بوافر الصحة والعافية والاردن ينعم بالخير والامان ، كما وأبارك لكل الأردنـيين الذين يقدمون أروع صور الـبذل والعـطاء بإلتزامهم تجاه أنفسهم ووطنهم.
كما واوجه تحية فخار إلى كافة مرتبات قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية بمختلف تشكيلاتها والى كافة كوادرنا الصحية في مختلف مواقعها ، وأقول للجميع عيدكم مبارك .. وأتم الله عليكم نعمته .. وتقبل صيامكم وقيامكم وطاعتكم.
إنه على كل شيء قدير
وكل عام وقلوبهم تحمل فرحاً لا ينتهي