إسرائيل تتعرض لضربة تأديبية
داود عمر داود
12-05-2021 05:09 PM
صواريخ رمضان:
لقد أسفرت أحداث الأيام القليلة الماضية عن تغير (موازين الرعب)، بين الكيان الصهيوني والشعب الفلسطيني. وربما يكون هذا الاستحقاق، المطلوب دولياً منذ أمد بعيد، هو الذي سيضع حداً لغطرسة وتكبر واستعلاء الإسرائيليين، وإصرارهم على التنكر لمصالح الغرب الذي أوجد كيانهم ويحميه. لقد أصبحت إسرائيل في اليوم التالي، لمعركة صواريخ رمضان، وهي في حالة يرثى لها، تحاول لملمة جراحها، وقد أذهلها زخم الهجوم الصاروخي، واتساع نطاقه الجغرافي، وحجم الدمار الذي خلفه، وحالة الرعب التي تركها في نفوس القادة والمستوطنين، على حد سواء، وشعورهم الآن أنهم لم يعودوا في مأمن من تبعات الحرب، حتى لو كانوا في بروج مشيدة. لقد كان مخيفاً مشاهدة الفيديوهات عن حالة الرعب التي أصابت النساء والرجال من المستوطنين، وكيف أصبحوا في حالة هستيريا وإنهيار عصبي، من هول مفاجأة وصول صواريخ غزة إليهم، في عقر دارهم. حيث فقدوا الآن أهم ما يُبقيهم في فلسطين المحتلة ألا وهو (عنصر الأمان)، واختفى لديهم شعورهم بالتفوق، وظهروا في حالة إنكسار معنوي.
انتفاضة الداخل الفلسطيني:
لقد أذهلت انتفاضة أهل الداخل الفلسطيني قادة الكيان وذلك نتيجة انتشار حالة الفلتان الأمني على نطاق واسع، وفقدانهم السيطرة على المدن العربية خلال سويعات قليلة من قيام المواطنين العرب بالتحرك، نصرة للمسجد الأقصى وللقدس. والغريب هنا أن زخم تحرك العرب جعل المستوطنين يهربون بشكل جماعي من بيوتهم، خاصة في اللد، حاملين معهم أمتعتهم الشخصية فقط، مما يُذّكر المراقب بمشاهد مسلسل (التغريبة الفلسطينية)، حين أُجبر الفلسطينيون على الرحيل عن منازلهم، عام 1948، حاملين أمتعتهم الشخصية. لقد حوّلت هذه الانتفاضة المفاجئة فلسطيني الداخل إلى قنبلة مؤقوتة، في أعين الإسرائيليين، مكونة مما يزيد على مليون ونصف المليون عربي، يمكن أن تنفجر في أية لحظة وتفجر معها الكيان الغاصب. وهذا الشعور يزيد الإسرائيليين رعباً على ما هم فيه من رعب أصلاً.
فشل جهود الوساطة:
لم تؤدِ جهود الوساطة، المصرية والقطرية، من أجل وقف التصعيد بين الجانبين إلى أية نتيجة. وخاصة أن التسريبات أفادت أن الوسطاء المصريين، الذين تواصلوا مع حكومة غزة، كانوا في حالة توتر وغضب، ورفعوا أصواتهم خلال الاتصالات الهاتفية، مما جعل الطرف الفلسطيني يرفض الإصغاء لهم، وينهي المكالمة بالقول (إنها الحرب). ويمكن تفسير توتر الوسطاء المصريين بأن حكومة نتنياهو كانت تلح على الجانب المصري، وربما ترجوه وتتوسل إليه، كي يتدخل على وجه السرعة، من أجل وقف رشقات الصواريخ، وذلك لتجنب تعريض إسرائيل إلى مزيد من الحرج أمام العالم، والأهم أمام مواطنيها، خاصة وأن نتنياهو ما زال يأمل بتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة.
موقف إدارة بايدن: تأديب إسرائيل
الموقف الأمريكي في التريث وعدم التدخل في أحداث الأيام الماضية، وتكرار توبيخ إسرائيل من قبل وزير الخارجية الأمريكي، (بالطلب إليها منح الفلسطينين حقوقهم مثل الإسرائيليين)، فإن ذلك يعني أن إدارة بايدن تريد أن تمحو كل أثرٍ ترتب على سياسة إدارة ترامب السابقة. وان واشنطن لا مانع لديها من توجيه هذه الضربة التأديبية للكيان، ما يخدم توجهها في (تحجيم إسرائيل) ومعاقبتها على رفضها حل الدولتين. كما أن تلويح واشنطن برفع الغطاء عن إسرائيل في أية لحظة يجعل قادة الكيان يدركون حجمهم الحقيقي ويرضخون وإلا.
خلاصة القول: معركة رمضان تغير موازين الرعب
لقد فقد الإسرائيليون صوابهم في هذه الضربة الموجعة التي تعرضوا لها، ككيان قائمٍ على منطق القوة يدعي أنه قادر على حماية نفسه. لكن التراخي الأمريكي في نجدتهم كشف عورة كيانهم المصطنع الذي يعتمد بالكامل على الخارج، ولا يملك من المقومات ما يجعله قابلاً للحياة، في دولة لا تملك الموارد الذاتية، وشعب جبان يرتعد خوفاً، بينما يقابلهم أصحاب حق يذهبون إلى الموت والشهادة وهم يبتسمون. لقد غيرت معركة صواريخ رمضان موازين الرعب مع العدو، ولا بد أن يقطف أهل فلسطين ثمارها آجلاً أم عاجلاً، بإذن الله.