بالعكس أنا متفائل، متفائل بقوى الشعب الحية ، وبقدرتها على إجتراح المستحيل من أجل الخروج من مستنقع الهزيمة الآسن. أنا متفائل بقدرة الناس على تجاوز الخلافات المذهبية السخيفة التي تمت إعادة استنساخها وتوزيعها على كافة انحاء العالم العربي الكبير . لكن هذا التفاؤل مشروط بالوصول الى مرحلة الوعي بالمشكلة ، الوعي الذي يورد الإرادة وليس القنوط. ومن أجل الوصول الى هذه الدرجة من الوعي، فإن علينا أن ندرك تماما:
أن ندرك تماما، أننا في جميع أنحاء العالم العربي، بلا استثناء، نعاني من إنهيار تام وكامل وأكبر بكثير من الإنهيار الذي كنا نعاني منه عشية الخامس من حزيران عام 1967، لا بل أننا كنا نمتلك إرادة القتال آنذاك، وكنا على استعداد كبير للتضحية في سبيل التحرير، وكنا متفقين على ذلك جميعا، جميعا ، من قوميين واشتراكيين ودينيين ويساريين ومتدينين وملحدين وبرجوازيين وعمال وعاطلين عن العمل .... كنا جميعا .. حكومات وشعوبا.
الان، ماذا اقول لكم ، فأنتم تعرفون أكثر مني.
في مقابل ذلك، فإن العدو الصهيوني صار أقوى استراتيجيا وعسكريا –بفضلنا طبعا-ويمتلك علاقات استراتيجية وتكتيكية مع الكثير من دول العالم، أكثر بكثير مما كان لديه عشية الخامس من حزيران 67.
هل نحتاج الى هزيمة اخرى بحجم هزيمة حزيران، حتى نصحو مثل المضبوع الذي يرتطم راسه بصخرة المغارة فيصحو؟
أما أننا نستطيع – إذا عرفنا واقعنا-أن نبحث عن أدوات الرفع والوحدة، من أجل صنع الإرادة الفاعلة القادرة على الشروع في النهوض؟
هذا ما علينا أن نقرره جميعا ..قبل ما تروح علينا.
(الدستور)