وكأن الماضي يعيد نفسه بنفس الايام والتواريخ أم ان الاحداث المعاصرة لكل حقبة من الزمن تتجدد بشكل مختلف عن الماضي .منذ زمن طويل ونحن في صراع مستمر واحداث متكررة ولكن بصيغ مختلفة.منذ بدء الاحتلال الذي كان بداية ومصدر القلق لنا في هذه المنطقة الذي اوجد النازحين والظروف القاهرة والاحتجاجات والانهيار الاقتصادي والحروب والاغتيالات جميعها لديها القدرة على التأثير في المنطقة الذي اوجد عواقب مؤلمة التي آثرت في مجرى تاريخ عائلات لا زال ينتابها الآلم والحسرة .وهذه هي البداية في طبريا بداية الآلم .
نزحت اول مدينة عربية ..وكانت مدينة طبريا ..أثر هجوم يهودي قام به حوالي أربع الآف يهودي ودام أثني عشر يوماً كان موقف الجيش البريطاني فيها يدعو الى التساؤل والاستغراب فقد وقف متفرجاً !! ولم يتدخل الا في الحالات التي كانت بمصلحة اليهود.
صمد السبعون مناضلاً وعلى رأسهم صبحي شاهين وجميعهم من أبناء طبريا وكانوا يكونون حاميتهم طال هذه المدة بالرغم من تآمر شخصية كبيرة عليهم لم يذكر المصدر أسمه حتى نفذت المؤن والذخيرة وأصبحوا بين أمرين لا ثالث لهما فأما النجاة او الانسحاب ..وأما الموت والفناء ..ولم يكن لهم الا ان يختاروا طريق النجاة بالانسحاب ..وأما الموت والفناء ..ولم يكن لهم الا ان يختاروا طريق النجاة لعلهم يعاودون للقتال ..ويثأروا ...فأنسحبوا وتدخلت قيادة الجيش البريطاني ..المحايد ..واتفق على أجلاء السكان عن المدينة ..وفي الخامسة من بعد الظهر بدأت أحدى عشر سيارة (لوري) تحمل الاهالي وتقذف بهم الى ساحة الجرن في سمخ وانتقلوا من هناك الى الحمة وقطعوا نهر اليرموك وكلهم حسرة والم ..وبكاء يغلب على كل منهم ..ثم نقلتهم السيارات العسكرية الى اربد ومروا بقرية ام قيس المشهورة تاريخياً في الاردن فألقوا منها النظرة الأخيرة على أرض فلسطين ..ارض الآباء والاجداد ..الارض المنبسطة المترامية الاطراف وعلى البحيرة الهادئة العذبة ..وصلوا عند المساء مدينة اربد ولأول مرة شعر الفلسطيني بالتشرد والمذلة ..ولكنهم صبروا على أمل العودة .
ودخلت الجيوش السبعة بفرقها المدرعة وكتائبها المصفحة بالآف الجند ولم يكن في يد العدوان غير طبريا وسمخ وبيسان وحيفا ويافا والقرى المجاورة لها وأدت المهمة الموكولة لها ..وعادت بعد أن أصبحت مدن الناصرة وعكا والرملة واللد والمجدل وبئر السبع وعشرات القرى وملايين الدونمات من الأراضي بأيدي اليهود .
هذا ما حدث في اليوم الثامن عشر من نيسان عام 1948 م وفي اليوم التاسع عشر منه أعلن قائد الهاغاناة في طبرية ترك العرب للمدينة واصبحت كلها لنا هذا ما حدث في طبرية خلال اثنا عشر يوماً قبل خروج الفلسطينين منها .
لا زلنا نقع فريسة الخوف في عالم اليوم ونحن ما نرى ما يحصل في الاقصى منذ ايام ولكننا على يقين بأن القدس ستبقى عربية وكل العرب فداءً لها.