حول قانون الأحوال الشخصية
19-05-2010 04:18 AM
الحقوق التي أعطاها الإسلام للمرأة قبل أربعة عشر قرناً كانت خطوة هائلة إلى الأمام في مجال الاعتراف بالمرأة كإنسانة تختلف عن الرجل جسدياً ووظيفياً، ولكنها تتكامل معه ولا تختلف عنه في إنسانيتها وكرامتها وحقوقها القانونية.
وبقدر ما أعلم فإن الإسلام حدد الاتجاه ولم يأمر بالوقوف عند الحد الذي وصل إليه، فهو لم يعطها حق الانتخاب لأن التصويت لم يكن له وجود إلا بين أهل الحل والعقد. أعطاها نصف حصة الذكر في الإرث بدلاً من الحرمان الكامل، ولم يقل بعدم إعطائها حصة كاملة على قدم المساواة. وعندما أدخل إغراءات عديدة لتحرير العبيد لم يقل بتحريم العبودية أو الرق بل ترك ذلك للتطور ونضوج المجتمع.
الإسلام يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وقد فتح طريق التقدم وأكد تغير الأحكام بتغير الأزمان، وقرر أن الناس أدرى بدنياهم، وترك باب الاجتهاد مفتوحاً على مصراعيه.
من هنا فإن مشروع قانون الأحوال الشخصية مطالب ليس فقط بأن يضمن حقوق المرأة بالقدر الذي تحقق قبل 14 قرناً، بل أن يواصل مسيرة التقدم، والاعتراف بالمرأة وحقوقها كاملة، ورحم الله رجل الدين المستنير الامام محمد عبده الذي درس في باريس وقال أنه رأى في فرنسا آنذاك إسلاماً ولم ير مسلمين، وأنه رأى في مصر آنذاك مسلمين ولم ير إسلاماً، أي أن وضع المرأة وحريتها وحقوقها في فرنسا آنذاك أكثر إسلامية مما كان (وما زال) مطبقاً في بلده.
النقاد أخذوا على المشروع الجديد أنه يجيز بشروط خاصة زواج البنت القاصر، ويلغي حق المرأة في الخلع، ولا يفرض قيوداً على حق الرجل في الطلاق، ويبقي قرار زواجها بأيدي ولي أمرها باعتبارها قاصراً وإن بلغت السن القانونية وبشكل عام لم يعط المرأة حقوقاً متساوية.
في مشروع قانون الأحوال الشخصية إيجابيات عديدة، ولكنه لا يخلو من سلبيات ونواقص أشار النقاد إلى بعضها ويمكن استدراكها.
صحيح أن هناك قوى ومؤسسات غربية تروّج لحقوق المرأة وتدفع أموالاً لبعض مؤسسات المجتمع المدني بقصد تمكين المرأة ولكن هذا لا يعني أن كل من يدافع عن حرية المرأة وحقوقها الكاملة إنما ينفذ أجندات خارجية وإلا فإن دعاة الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان هم أيضاً عملاء ينفذون أجندات أجنبية.
(الرأي)