مأساة الهند المرعبة في مجال جائحة كورونا التي اندلعت مؤخرا هذا العام 2021 , كانت الأعنف منذ شيوع الجائحة في العالم من وسط مدينة أوهان الصينية عام 2020 وربما قبل ذلك عام 2019, و إنتشارها في أوروبا وأمريكا، وروسيا وفي معظم دول العالم. والهند دولة شرقية، و قطب ديموغرافي كثيف السكان بالمقارنة مع الصين, وتقع جنوب اسيا، وتحتل رقم 7 من حيث المساحة عالميا (3مليون كلم 2) , ورقم 2 من حيث عدد السكان بعد الصين (مليار و 366 الف نسمة). ولقد فاقت أرقام كورونا الهندية التوقع العالمي أكثر من 20 مليون إصابة, وبمعدل 400 الف إصابة في اليوم, وأكثر من 3000 وفاة يومية. وتبوأت روسيا الاتحادية مركز الصدارة في الوقوف إلى جانب الهند عبر تقديم لقاحها (سبوتنيك v) المتفوق عالميا، وبأمر مباشر من الرئيس فلاديمير بوتين الذي وصف اللقاح الروسي بالمتميز عالميا حسب وكالة انباء (ريا نوفستي) بتاريخ 6 ايار الجاري و قارنه من حيث الخبرة التاريخية و الصورة الذهنية بسلاح الكلاشينكوف, وهو والذي يطور باستمرار في الداخل الروسي إلى أصناف جديدة خادمة للانسان الروسي و للبشرية جمعاء وسط خارطة العالم .
وأعلنت دول كثيرة أخرى الوقوف إلى جانب الهند في كارثتها البيولوجية هذه مثل (الصين، وأمريكا, والأتحاد الأوروبي, والبرازيل, والسعودية, وقطر) . وسجلت كورونا على خارطة العالم حتى الساعة أكثر من 100 مليون إصابة. وأكثر اللقاحات المستخدمة و المواجهة لكورونا في وقتنا المعاصر هي الروسية, والصينية, والأمريكية , والبريطانية . وأكثرها سمعة طيبة, الروسية بالطبع كما ذكرت هنا ثم الصينية , وتليها الأمريكية التي ترافقها شكاوي من قبل المواطنين في بلدنا كما أسمع , وعلامات إستفهام جادة تدور حول اللقاح البريطاني بسبب تقارير طبية تشير لأثاره السلبية .
فما هو سبب الكارثة الهندية البيولوجية الجديدة يا ترى ؟ وهل من الممكن السيطرة عليها كما فعلت الصين ؟ وهل باقي دول اللقاحات المشهورة عالميا افضل حالا في مواجهة كورونا ؟ من الممكن تصنيف كارثة الهند الكورونية إن صح التعبير، عبر شقين أولهما عدم إعطاء أهمية لفايروس كورونا الخطير الذي إجتاح العالم قبل الهند , و كان ناس الهند يرتدون الكمامة خوفا من المخالفات، ومن رجال الأمن، و ليس من كورونا الذي لا يرى بالعين المجردة , ومنهم من كان يتبادل الكمامات أثناء التعامل مع المحال التجارية و الأسواق، و الشق الثاني و هو الأخطر و انحصر في طقوس الحجيج لدى الهندوس الذي يتكرر كل أربع سنوات في أربع مدن مثل (الله اباد , وهاريدوار , وأوجان , و ناشيك) , و تكرر هذا العام 2021 في مطلعه بمشاركة ملايين الهنود إحتفاء بانتصارهم على (كورونا و جائحته كوفيد 19) أيضا، و لمسح خطايا الشعب الهندي المليوني كثيف السكان، و إشاعات عن مشروع خطير إستهدف الهنود لتخفيف تعداد سكانهم الذي زاد من تعداد سكان العالم و جعله يفوق السبعة مليارات نسمة .
لقد احتلت الهند المرتبة الثانية بعد أمريكا بانتشار كوفيد 19 , و سبق لروسيا أن ساعدت إيطاليا و أمريكا في مجال لقاح كورونا (سبوتنيك (V و اجهزة الأوكسجين , و ردت أمريكا على المساعدة بمثلها، و فصلت بين العلاقات الإنسانية و السياسية و سط الحرب الباردة التي تريد لها أن تستمر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 رغم شراكتها بها اقتصاديا في ربع الساعة الأخيرة في الخندق السوفيتي, و مساعدتها لهتلر ذات الوقت عسكرياً, وترفضها روسيا، لذلك استمرت أمريكا بتوجيه العقوبات الاقتصادية ضد روسيا, و بطرد الدبلوماسية الروسية و هي تتوقع رد روسي مماثل، وهو ما حصل فعلا , بعد إتهام أمريكا غير المشروع لروسيا بالعبث بالانتخابات الأمريكية الرئاسية عامي 1916 و 2021، و هو الذي أعلنته أمريكا بجهد إستخباراتها CIA )) , و نفته روسيا عدة مرات , منها عندما دعا بوتين ترامب على هامش قمة هلسينكي عام 2019 للقبول بمحكمة متخصصة للبت بمجريات تهمة التزوير تلك . وجاءت رسالة بوتين الأخيرة لبايدن عبر وزير خارجيته سيرجي لافروف لضبط موسيقى العلاقات الروسية الأمريكية, ولمنعها من دخول مطبات غير محسوبة نتائجها، و بهدف العودة للخط الساخن بين البلدين و القطبين النووين الأكبر في العالم حفاظا على أمن العالم، و لتفادي إندلاع حرب عالمية ثالثة مدمرة تعيد الحضارات البشرية إلى ما قبل التاريخ . و تراجع في نسبة إصابات كورونا في بريطانيا إلى 60% .
يبقى لقاح (سبوتنيك V ) الروسي مسيطرا على مستوى العالم و بفعالية وصلت إلى 100%، ولا يتعارض مع الأديان السماوية، و هو بطبيعة الحال ليس بحاجة لدعايتي الإعلامية , و روسيا دولة عظمى و لديها ماكنة إعلام ضخمة, و لقد طورت لقاحاتها إلى (لايت) الجرعة الواحدة , وجوماكوفا, و فيكتور, و لقاح شتوي قادم . وعدد الإصابات في تراجع كبير لم تتجاوز 7 الاف إصابة , وعدد قليل من الوفيات بحجم 300 حالة وفاة في اليوم . و تم في بريطانيا خلط اللقاحات الدولية المشهورة للوصول لنتيجة افضل , و 20 مليون تلقو اللقاح. و عملت الصين على تطوير 4 لقاحات لديها بفاعلية تراوحت بين 50,4%، و 78%، و 86% (الإماراتي), و اثبتت المدرسة الصينية في مجال مكافحة كورونا نجاعتها و تفوقها في الضبط والربط، وتمكنت من تطويق الجائحة بإقتدار وتميز يشهد له العالم . وأعطت أمريكا 222 مليون إنسان جرعات مضادة لكورونا .
والنتيجة الممكن التوصل لها هنا هي أن مكافحة جائحة كورونا اصبحت مهمة دولية تتجاوز الحرب الباردة التي يتكرر ذكرها إعلاميا عالميا, ومناظر حرق الجثث العديدة في الهند تقشعر لها الأبدان . وتميزت روسيا الإتحادية ببحثها على الدوام عن خدمة الإنسانية حتى في عمق الزمن السوفيتي عندما صنعت القنبلة النووية لمنع حدوث حرب عالمية ثالثة مدمرة، ولو إمتلك السوفييت القنبلة النووية أثناء الحرب العالمية الثانية (العظمى) لما استخدموها , واعلنو عن ذلك مرارا , ومنهم الرئيس بوتين نفسه، و سبق لها أن اعلنت الحرب على الإرهاب في بلادها , و في سوريا عام 2015 , و لم تستهدف المواطنين المسالمين كما يشاع من خلال موجات الفوبيا الروسية، وفي افغانستان عام 1979 كانت حاضرة لإحداث توازن في قبة ميزان الحرب الباردة و سط سعيرها , ولم تكن محتلة يوما . وها هي روسيا تتميز وتتفوق في لقاحات كورونا خدمة للبشرية جمعاء , وبهدف توقيف موجات جائحة كورونا الخطيرة . وهي أي روسيا لن تشبه أمريكا يوما في خطوتها غير المحسوبة في اليابان في مدينتي (هيروشيما و ناكازاكي) عام 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية لإجبار اليابان على وقف حربها، و لقاء قريب مباشر بين جو بايدن و فلاديمير بوتين لترتيب أوراق العلاقات الأمريكية - الروسية بطلب من واشنطن نعول عليه كثيرا حفاظا على أمن العالم.