بداية في هذه الليلة المباركة ليلة القدر، نبتهل إلى المولى العلي القدير أن يفك أسر القدس الشريف ومقدساتها وسائر فلسطين الحبيبة من أيدي الغزاة المجرمين، وأن يرفع عن أردننا الحبيب الغمة والأزمة ويصلح حالنا ويجمع شملنا حكاما ومحكومين على كلمة سواء فيها خيرنا وصلاح أمرنا، آمين يا رب العالمين، وبعد:
وكصحفي يؤمن بالوسطية ويتمنى لو تشرق شمس الغد وقد غدا الأردن سويسرا الشرق مزدهرا بلا هموم ولا أزمات ولا ضنك عيش حرا عادلا ينعم أهله بكل ما يتمنون , إلتقيت رئيس مجلس الأعيان المحترم فيصل الفايز وسألته الكثير عن مبادرته في إدارة حوار شامل وما هي مراميها وأهدافها وإلى أين ستفضي بحسب طموحه وتوقعاته .
أجاب الرجل وبكل صراحته المعهودة عن كل أسئلتي , ولاحظت أنه يؤثر التفاؤل على التشاؤم مهما شكك البعض في مسعاه , لا بل فقد بدا سعيدا بإتاحة الفرص رحبة للجميع لإبداء آرائهم الموضوعية مؤكدا أن ما يجري هو جلسات إستماع المجال فيها مفتوح للمؤيد وللمعارض لأن يعبر عن رأيه ورؤيته حيال التشريعات الناظمة للحياة السياسية وفي مقدمتها قانون الإنتخاب الذي يحدد الهيكل والإطار العام السياسي للدولة في مئويتها الجديدة , وفقا لإرادة الأغلبية الشعبية , وبما ينهي كل مواطن الشكوى ويحصن الدولة والوطن في مواجهة المخاطر والمفاجآت .
الفايز بادر , وشكرا له أن بادر ومن موقعه كرئيس لمجلس الأعيان , ومن يبادر وطنيا هو قطعا أجرأ وأفضل ممن يؤثرون الصمت المحير والمريب من رجالات الدولة الذين ماقصر الوطن وشعبه ونظامه معهم ذات يوم.
الرجل كما أفهم بحاجة إلى الدعم لا الإحباط والإكتفاء بمجرد الجلد والتشكيك كما يفعل بعضنا, دو أن يبدي رأيا أو تصورا لما يجب أن يحدث وأن يكون في إطار مطالباتنا جميعا بالإصلاح التشريعي الذي نريد !. والرجل لم يفرض رأيا على أحد قط , وإنما هو ومعاونيه مجرد مستمعين ناقلين أمناء لما يطرح ولما يقال من جميع المشاركين الآتين من مختلف البيئات الإجتماعية والسياسية والفكرية والإقتصادية , تمهيدا للتوصل إلى خلاصات ناجزة موضوعية تحاكي الهم الوطني العام بكل تجلياته , سياسيا إجتماعيا وإقتصاديا وعلى كل صعيد وطني, وبما ينسجم مع موروثنا الثقافي السياسي الإجتماعي الأردني , ويحقق العدالة والمساواة والحرية والتشاركية كمباديء نطالب وندعو جميعا لترسيخها نهج حياة وأداء وطني عام , كي تأخذ تلك الخلاصات مسارها الديمقراطي الدستوري حسب الأصول المتبعة حكوميا وبرلمانيا وملكيا لتحظى بالتطوير الذي قد تراه تلك القنوات الدستورية الوطنية رفضا تعديلا قبولا إلخ .
ما خلصت إليه شخصيا وآمل أن أكون مصيبا في إستنتاجي , أن فيصل عاكف مثقال الفايز , وبما يتوفر عليه من فكر وإرث إجتماعي عائلي عشائري عربي أردني أصيل , يسعى نحو " مصالحة " وازنة بين الدولة ومواطنيها, وعلى نحو يمكن معه إستعادة الثقة المتبادلة بين الإنسان الأردني المثقل بالهموم والأزمات , ودولته التي يقع على عاتقها أداء وفعل وتقديم كل ما من شأنه تحقيق هذا الهدف الوطني السامي الجليل والنبيل .
وبعد أيضا : في ضوء هكذا قناعة شخصية خاصة بي , أعتقد جازما من وجهة نظري المتواضعة التي لا غاية لها والله على ذلك شهيد سوى المصالح الوطنية العليا والعامة لشعبنا الوفي الكريم , أن ما يمر به بلدنا من أزمات داخلية وإقليمية وحتى دولية , بات يقتضي ونحن نودع شهر الرحمة والتكافل والتسامح , أن تبادر دولتنا وحكومتنا الموقرة , إلى تفريغ الكثير من شحنات العتب والغضب الشعبي جراء المعاناة الضاغطة , إلى الترفع عن كثير من مواطن الشكوى والتذمر , وأن تدخل راحة النفس والبال وبهجة العيد إلى بيوتنا جميعا, بالإفراج عن الموقوفين ومعتقلي الرأي أيا كانت التهم وعن المتعثرين والغارمين والغارمات , والتعامل مع المعارضين من أصحاب الرأي الآخر بإعتبارهم مواطنين كراما لهم في وطنهم الحرية الموضوعية والكرامة وحق التعبير والإجتهاد المفيد المحترم لرفعة وطن نحن شركاء فيه .
نطمح لأن نرى عيدا سعيدا يتوحد فيه صفنا بالتسامح والعفو والتكافل وعفى الله العفو عن كل ما مضى , عيدا مباركا نرى فيه جميع عائلاتنا وعشائرنا الكريمة وفي طليعتها عشيرة الهاشميين الكرام وجميعا صفا واحدا متسامحا متحابا بالمودة والتصافي .
نهج طيب مترفع كهذا , كفيل بعون الله بأن يريح شعبنا الوفي ويؤسس لخروج آمن من كل أزماتنا وهذا بأيدينا لا بأيدي غيرنا . وبارك الله العلي القدير في قوم تعاونوا على البر والتقوى وصلاح الأمر والمحبة لا الكراهية والتنافر والتباعد الذي لا فائدة ترجى منه أبدا أبدا أبدا .
كل عام والأردن بخير بإذن واحد أحد شعبا وقيادة وجيشا وأمنا ومؤسسات ومؤيدين ومعارضين على حد سواء.
قبل أن أغادر شكرا دولة رئيس مجلس الأعيان وهدى الله أمثالك لأن يكونوا لك في مسعاك عونا , في وطن طيب كريم يحتاج اليوم سائر رجالاته وبناته . الله خالقنا محيينا ومميتنا من وراء قصدي.