"ضانا" سيدة الدهشة الجبلية كما تراها عين الجيولوجي
د. بيتي السقرات
08-05-2021 09:13 PM
هذه الأرض، شرفة لا تنام، وكتاب أوراقه الأيام
قف عليها واستنطق الصخر فيها... وارو عنها ما سطرته الأنام
وأنا أمارس مهنتي التي أهوى في تدريس علم الأرض و الصخور ، كانت ترافقني كلمة استنطاق الصخر واللافتة لانتباه طلابي مباشرة عند سماعهم لها و يستغربونها أحيانا فأبدأ بتوضيحها لهم وما تعني لي و علاقتها بالصخور و اختصاصي.
فأنا أخاطبها و أحدثها و هي تروي لي قصصا كثيرة ، فبعيدا عن التاريخ المليء بالأحداث التي مرت عليها فأنا أسألها عن ما يتعلق بعمرها ومكوناتها و البيئة التي تشكلت فيها بالإضافة للسؤال عن القوى الطبيعية التي تعرضت لها وأثرت في تشكيلها، فتجيبني لا بل وتروي لي القصص الكثيرة كتلك القصة التي أعيد سردها للآخرين عن سيدة الدهشة الجبلية "ضانا".
ضانا و صخورها تلك الصخور التي بمجرد اقترابي منها تعزف لي موسيقى الأرض ، الضوضاء التي تحدثها الطبيعة ، هذه الصخور التي هي في عيني ليست جمادات و لم تكن يوما كذلك هي في كل ذرة فيها تحمل قصة تشكّلها و تكونها قبل أن نتواجد نحن بملايين السنين ،
هي قصة تنتظرنا لنقرأها، تقف أمام أعيننا بعظمتها تخبرنا بأنها فريدة في تكشفها فعمرها الجيولوجي من حقبة الباليوزويك وهي الحقبة التي تمتاز برمالها والتي تتباهى بألوانها بين شقيقاتها من الصخور التي تحيط بها أو تليها في العمر ، فمع جمال الصخور الرملية ذات الترسيب النهري إلا أن للصخور الجيرية رونق آخر وهي التي تخبرك أن هذه المنطقة غمرت بمياه البحر لأعماق ضحلة في عصور جيولوجية هي الثلاثي و الكريتاسي الأعلى.
ضانا و أي قصة ترويها لي سيدتي الجميلة فنشاط البحر والنهر شكّلا فيك ما جعلك تفوقين الوصف ، ضانا المحاطة بالتصدعات المتميزة وانت تحملين بين جروفك في طرفك الغربي ذلك الخام الذي يتوهج بلونيه الأخضر والأزرق ، الخام الذي اكتشفه آدوم فطوعه واستخدمه و ننتظر نحن أن نستفيد منه أكثر وأكثر.
ضانا وما فيك من تراكيب جيولوجية معقدة هي نتاج ضغوط وحركات تكتونية أجهدت بها وما زادتك إلا ألقاً و بهاء و لم تزدني إلا حبّا بك ،كيف لا و أنا في كل زيارة أضع يدي على قلب أرضك و استشعر نبضك و في كل مرة لا أزال أجد نفسي عاجزة أمامك و كأنك و بعد كل ما عرفته و تعلمته و قرأته عنك أجدك ذلك اللغز الذي يشعل شغاف قلبي لتعقبه من قاع وديانه لأعالي جباله و أجدك كنت و ما زلت و ستبقين "سيدة الدهشة الجبلية"