الداخلية .. بين الترشيق والترشيد
أ.د عمر الحضرمي
08-05-2021 12:22 PM
مع تشكيل أول حكومة مركزية في شرق الأردن عام 1921، جاء تأسيس وزارة للشؤون الداخلية تتولى إدارة جزء مركزي وهام في عملية بناء الدولة الحديثة، وتنهد بواجب حفظ الأمن والنظام العام، وتقديم جميع الواجبات التي يتطلبها استقرار المواطن وأمنه، وضمان سلامته وسلامة الوطن ومكتسباته ومقدّراته، وتدافع عن استقلاله وكرامته وعزّته.
وفي مسيرة البناء والتطور، قامت وزارة الداخليّة بمهامها على أكمل وجه، خاصة وأن الدولة قد بدأت في تشكيل حالة من الإنتقال والتحديث في جميع المجالات؛ السياسيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة.
كما جسّدت اطاراً، تفاعلت فيه كثير من الطّاقات والقدرات المبدعة؛ إداريّاً وفنيّاً وعلميّاً وقانونيّاً، مما قاد إلى البناء الأكفأ للدولة الحديثة، القائمة في أساسها على احترام المواطن وحقوقه، وصيانة القانون وسيادته، وحماية الوطن من أي فوضى واضطراب، ومواجهة كل التهديدات والأزمات ومحاولات العدوان والأذى.
وبعد مرور عشرة أعوام، أي في العام 1931، اطلق على هذه الوزارة اسم "وزارة الداخليّة" ،حيث انطلقت في أداء واجباتها ومهامها العديدة والواسعة والمتشعّبة ، إضافة إلى النهوض بالمهمة الأساس وهي توفير الأمن والنظام وحماية الأرواح والمقدّرات والمكتسبات والممتلكات العامّة والخاصّة ، إلى جانب توفير الخدمات للناس ؛ المواطنين، والوافدين ،والضيوف.
ومع تولي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية ، وفي بدايه وبواكير المسيرة ، وجّه جلالته الجهاز الرسمي للدولة نحو ضرورة التوسّع في الإنجاز، فكان الطلب إلى وزارة الداخليّة أن تساند عملّية بناء المشاريع التنمويّة وتطوير الخدمات التي يحتاجها المواطنون ، والعمل على الإرتقاء بالمستوى المعيشي للأفراد ،فاتحاً الباب أمام مسؤولي وزارة الداخلية لأن يستثمروا كل الصلاحيات القانونيّة والإداريّة الممنوحة لهم بموجب القوانين والأنظمة والتشريعات والتعليمات ، في سبيل توسيع دائرة الخدمة العامّة، وضمان الأمن والإستقرار.
ولمّا أن تواكب ذلك مع الرؤيا الملكيّة السامية، والقائلة بضرورة الاعتماد على طرفي المعادلة ؛تراكم الخبرات وهمّة الشباب ، فإن وزارة الداخليّة تغدو واحدة من الوزارات التي يجب أن تعُطى الإنتباه الكامل وذلك كونها على تماس مباشر بحياة المواطن، وعلى تواصل كبير مع أمن الوطن ، وعليه فإن عمليّة ترشيد إدارات الوزارة هو المطلوب الأساس ، علماً بأن جُلْ ، إنْ لم يكن كُلْ ، الوزراء والمسؤولين قد أخذوا بعين الإعتبار هذه الحقيقة ، لذلك نجد أن على وزارة الداخليّة الأردنية أن تقوم بواجباتها على الوجه المرْضي ،ولكن ما هو مطلوب هو أكثر من ذلك.
إن رسم السياسة العامة لنشاط وزارة الداخليّة وأجهزتها، يحتاج إلى المراجعة المتكررة ،والإفادة من حماس هؤلاء الشباب ، ومن قدرتهم الفائقة على مواكبة التطوّرات التقنيّة والعلميّة والإستعانة بحماسهم وسعة افقهم ، وسعة آفاق إطّلاعهم على مستجدات العصر.
وهكذا تدخل وزارة الداخليّة في رحلة تبدأ بالترشيد بالإحلال والتعاقب وتنتهي بالترشيق والترشيد.