بشرى سارة تلقاها الأردنيون المتقاعدون، قُبيل أيام، عندما زفت لهم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، خبر ارتفاع الزيادة السنوية على رواتبهم التقاعدية، بمقدار ثلاثة قروش؛ حيث بلغت قيمة الزيادة دينارا واحدا للعام الحالي، بعد أن كانت تبلغ 97 قرشا العام الماضي.
المؤسسة زفت ذلك الخبر، عبر تصاريح صحفية بعثت بها لكل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة المرئية، قائلة بفم مليان، كأنها محققة نصرا مؤزرا بأن “الزيادة بلغت للعام الحالي، دينارا واحدا، معللة بأن الزيادة تم احتسابها بناء على نسبة التضخم ومتوسط الأجور”.
البشرى الثانية التي زفتها “الضمان” للأردنيين، هي أن الزيادة المجزية التي أقرتها، تُصرف اعتبارًا من الشهر الحالي.. وكأن لسان حالها يقول إن تلك الزيادة ستعمل على إنعاش الأسواق الاقتصادية والتجارية، وتزيد من حركة الشراء، خلال الفترة المقبلة، وفي مختلف مناطق المملكة.
أما البشرى الثالثة التي زفتها المؤسسة للأردنيين، فهي عبارة عن طلاسم و”لوغاريتمات”، تتمثل بتوجه المؤسسة لإعادة النظر بالآلية والمعايير لمنح الزيادة السنوية للمتقاعدين.
الغريب، أن مؤسسة الضمان لم تُفصح ولم تُوضح تلك الآلية، كل ما جادت به قريحتها هو أن الزيادة ستعتمد على المؤشرات ذاتها التضخم ومتوسط الأجور، لكنها ستعتمد أيهما أكثر وليس كما السابق أيهما أقل، أو احتساب المعدل بينهما.
طبعًا، تلك نظرية شبيهة تمامًا بنظرية احتساب أسعار المشتقات النفطية الشهرية، فلا أحد يعلم آليتها ولا طريقة احتسابها، وكذلك الحال فيما يخص بنظرية الزيادة السنوية لمتقاعدي الضمان.. يبدو أنه مكتوب على أبناء هذا البلد أن تبقى تلك الأمور وما شابهها، ألغازا يصعب حلها، أو يصعب البوح بحيثياتها.
ما تزال مؤسسة الضمان تُصر على أن تكون كريمة مع صاحب رأس المال، شحيحة مع العامل أو الموظف، ويا ليت يكون “بخلها” مقتصرا على أصحاب الرواتب المرتفعة، فلا يكتوي بنيرانها و”تقتيرها” إلا ذلك المواطن، الذي لا يتعدى راتبه التقاعدي الخمسمائة دينار شهريًا.
هل يكفي دينار واحد شهريًا زيادة، في زمن أصبح خط الفقر لعائلة مكونة من خمسة أفراد، نحو خمسمائة دينار، وفق الأرقام الرسمية، في حين تؤكد مؤسسات مستقلة أن خط الفقر لمثل هذه العائلة يبلغ ثمانمائة دينار شهريًا.
أي عدل الذي يعيشه متقاعدو الضمان؟ عندما تكون زيادة الواحد منهم 3.33 قرش يوميًا، في وقت أتوقع فيه أن جل الأردنيين أصبحوا لا يعرفون لون القرش، فحتى طفل بالحضانة، عندما تعطيه عشرة قروش (بريزة)، فإنه حتمًا سيردها عليك، قائلًا “هذول بيشتروش”!.
على القائمين على مؤسسة الضمان، التفكير جديًا وبواقعية وبمنطق، بإيجاد حلول لمثل تلك الزيادة، التي تنم فقط عن استهتار واستهزاء بالمواطن، الذي وُجد “الضمان”، لحمايته ومساعدته، واحترام شيخوخته، بعد أن قضى زهرة شبابه في العمل، على أمل أي ينعم براتب شيخوخة يحفظ ماء وجهه ويبعده عن سؤال الناس!.
(الغد)