مصلحة الاردن مع فتح ام حماس؟
فهد الخيطان
18-06-2007 03:00 AM
* من يحقق الاستقرار في الضفة الغربية ويمنع الانهيار هو حليف للاردن
سنشهد في الاوساط السياسية والشعبية الاردنية جدلا واسعا حول الموقف من حماس وفتح بعد »انقلاب غزة«. وفي ضوء التوقعات التي ترشح استمرار الصراع على السلطة في فلسطين لمرحلة طويلة قادمة, سيتعمق الانقسام في الاراء داخليا, وتنشأ انحيازات متناقضة ومتصادمة احيانا, وسيكون موسم الانتخابات المقبلة ساحة مثالية تتبارى فيها المواقف.
كل ذلك يبدو امرا مفهوما ويأتي في سياق حالة اشكالية ظهرت منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية لا بل يمكن ان نحيل اصل الانقسام السياسي الى مرحلة اوسلو وما تلاها من تطورات في المنطقة.
لكن السقف الذي كان متاحا امام انصار حماس للتعبير عن موقفهم ومشاعر النشوة بعد الانتصار في الانتخابات لن يكون متوفرا بنفس القدر في هذه المرحلة. فمن غير المتوقع ان تسمح الدولة لاحد بالترويج للخطاب الانقلابي باعتباره عملا مشروعا لاعتبارات خاصة بالواقع الديمغرافي الاردني والموقف الرسمي التقليدي من حركة حماس وامتداداتها على الساحة الاردنية.
بهذا المعنى, على الحركة الاسلامية ان لا تتسرع في اتخاذ موقف يؤدي بطريقة او اخرى الى نقل الصراع الى الاردن, وعليهم منذ الآن تفهم المصالح الوطنية الاردنية المستجدة وبعد الذي جرى في فلسطين.
ليس بيد الاردن الكثير ليفعله كي يساعد في رأب الصدع الحاصل في الحالة الفلسطينية فهو حليف للسلطة الفلسطينية والرئيس عباس, وعلى علاقة سيئة مع حركة حماس, وتاريخيا لا يملك الاردن اوراقا مؤثرة في لعبة غزة كما هو حال المصريين مثلا.
ووسط حالة الفوضى التي تهدد الاقليم, وتعصف بدوله المهددة بحرب اقليمية شاملة, ليس امام الاردن والاردنيين في هذه المرحلة سوى هدف مركزي واحد, هو حماية الدولة الاردنية موحدة في مواجهة شبح التقسيم الذي يجتاح المنطقة, والاقتتال الداخلي الذي يهدد بانهيار دول تاريخية في الجوار. ولتحقيق هذا الهدف المقدس يجد الاردن نفسه موضوعيا معنيا بالضفة الغربية اكثر من غزة وعليه ان يقف مع الطرف الفلسطيني - سلطة عباس في هذه الحالة - القادر على ضبط الاوضاع هناك وتحقيق الاستقرار بما يحول دون انهيار امني وفوضى ستلقي تبعاتها على الاردن حتما سواء عبر بوابة الحل السياسي المشبوه »الكونفدرالية« او الزج به لادارة الوضع الامني في المدن الفلسطينية.
لاحظوا الموقف المصري مما يجري في غزة, ففي الوقت الذي تدعم القاهرة رسميا القيادة الفلسطينية »ابو مازن« تبقي على خطوط الاتصال مفتوحة مع حماس, ولا يزال قادة من حركة حماس ينشطون سياسيا في القاهرة حتى الآن. الموقف المصري مفهوم لاعتبارات تخص امن مصر التي تخشى من انهيار شامل في غزة يدفع بالاف اللاجئين الى اراضيها, ولذلك تحاول القاهرة ابقاء جسور الاتصال مفتوحة مع حماس, كونها القوة المسيطرة في غزة اليوم وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها.
الاردن في المقابل يتعاطى مع وضع مشابه في الضفة الغربية, وليس من سبيل امامه سوى التعامل مع سلطة عباس, ليس لانها السلطة الشرعية فحسب وانما لكونها القوة القادرة على منع الانهياروتحقيق الاستقرار. ومن هذا المنطلق من الطبيعي ان يدعم الاردن عباس وسلطته لحسابات المصلحة الوطنية وليس نكاية بحماس, فذلك دور لا ينبغي التورط فيه لان الصراع بين الطرفين سيضر بمصالح كل الاطراف على المدى البعيد.
ولو ان حماس نفذت انقلابها في الضفة الغربية وليس في غزة فمن الطبيعي ان يجري التعامل معها تماما كما نتعامل مع محمود عباس لان المعيار في الاساس هو المصلحة الاردنية اولا.