أكثر من مرة تبنت هيئة الأوراق المالية حملات في بورصة لندن أو نيويورك للترويج للاستثمار في الأردن. والاستثمار المقصود في هذه الحالة هو شراء أجانب لأسهم شركات أردنية مدرجة في سوق عمان المالي.
لم تنجح هذه الحملات في السابق ، وليس من المتوقع أن تنجح الآن، ونجاحها، إذا حصل، ليس مرغوباً فيه، ذلك أن حوالي نصف الأسهم الأردنية مملوك لغير الأردنيين، وليس من المصلحة أن ترتفع النسبة أكثر من ذلك.
من ناحية أخرى فإن هيئة الأوراق المالية مؤسسة تنظيمية، مهمتها الإشراف على سـوق عمان المالي، وضمان العدالة والنظافة في معاملات البيع والشراء، وليس من مهامها أن تروج بشكل مباشر للاستثمار في سوق رأس المال الثانوي، أو أن تحاول التأثير على الأسعار برفعها مثلاً.
حسن إدارة سوق رأس المالي الأردني والقواعد المطبقة التي تحول دون الاستغلال والتلاعب، وضمان الإفصاح هي العوامل التي تجعل سوق عمان المالي جاذباً للاستثمارات وليس الدعاية المباشرة.
الاستثمارات في الأسهم الأردنية التي قد تأتي من صناديق الاستثمار في لندن تعتبر أموالاً ساخنة تعمل في المضاربة لتحقيق أرباح سريعة، وليس أدل على ذلك من كون متوسط المدة التي تحتفظ بها بالأسهم يقاس بالأيام والأسابيع وليس بالأشهر، أي أنها أموال طيارة ضررها أكثر من نفعها.
يضاف إلى ذلك أن الانتعاش والقفزات الكبيرة التي تحققت في بورصات العالم لم تتحقق في بورصة عمان بعد، فأسعار الأسهم الأردنية حالياً ما زالت في الحضيض ومرشحة للارتفاع، فلا مصلحة لنا بإغراء المساهمين الأردنيين ببيع أسهمهم للأجانب ليحققوا أرباحاً رأسمالية معفاة من الضرائب على حساب الاقتصاد الوطني.
الترويج الإيجابي المطلوب للاستثمار هو اجتذاب رؤوس أموال جديدة لتأسيس مشاريع اقتصادية جديدة، أو لتمويل توسعات لمشاريع قائمة، أما مجرد نقل ملكية السهم من س إلى ص فليس استثماراً، ولا يفيد الشركة ذات العلاقة، ولا قيمة له من وجهة نظر وطنية.
أما مدراء الشركات الذين يذهبون إلى لندن للترويج لأسهم شركاتهم فإنهم لا يخدمون تلك الشركات، بل يقضون أوقاتاً طيبة في مدينة الضباب على حساب شركاتهم.
الراي.