مشروع التحلية والناقل الوطني
م. حمزة العلياني الحجايا
03-05-2021 03:58 AM
باتت الاحتياجات المائية المتزايدة في الأردن، مطلبا ملحا لتأمينها ضمن مصادر المياه المتاحة، ودون أي إمكانية للتأجيل، ضمن خطط استراتيجيبة واضحة مع جدول زمني للحيلولة من الدخول في ازمات مياه خانقة، حيث يستهلك الأردن، ثاني أفقر دولة مائياً في العالم، كميات من المياه أكثر مما هو متاح من المصادر المتجددة، وأدت زيادة التعداد السكاني إلى نقصان حصة الفرد من المياه إلى أقل من 90 متراً مكعباً/سنویاً، علماً أن خط الفقر المائي المطلق للفرد يبلغ 500 متر مكعب/سنویاً.
الحديث عن تطور الأردن للأعوام القادمة، لبناء طريقا للمستقبل لن يكون واقعيا من دون رفع مستوى البنية التحتية، وفتح افاق اكبر للقطاع الخاص ليكون له دور رئيسي في صناعة المستقبل خصوصا الأمن المائي، حيث تكفي مواردنا المائية لما يقارب 2 مليون شخص فيما يتم توزيعها حالياً على ما يقارب 11 مليون شخص، ولا يمكننا الحصول على مياه جديدة بكميات كبيرة الا بالتحلية، وتعد مشاريع الناقل الوطني وقناة البحرين مشاريع مهمة واستراتيجية لإستدامة الموارد والخدمات، فالإقتصادي الوطني بحاجة لمحركات تدفع عجلة التنمية للأمام من خلال رسم الخطط واعداد الدراسات السليمة لطرح المشاريع الاستراتيجية.
مشروع الناقل الوطني لتحلية ونقل المياه (AAWDC)، سيمثل نقطة انطلاق الأردن للولوج نحو مشاريع التحلية الكبرى، سيما وسط حالة الحرج المائي الأردني وتزايد تحدياته لمواجهة التغيرات المناخية وشح المصادر، فالأردن أصبح يسابق الزمن لتنفيذ أهم وأكبر مشروع تحلية للمياه، وهو خيار استراتيجي للمملكة، حيث سيوفر 150 مليون متر مكعب في مرحلته الأولى، و150 مليون خلال المرحلة الثانية، ليصبح الإجمالي 300 مليونا، مما يشكل ثلاثة أضعاف انتاج مشروع مياه الديسي.
تَبرز هنا محدودية دور الحكومة في رسم وتنفيذ السياسات، فوزارة المياة والري عالقة بادراة شركات المياه الثلاث وتأخر اطلاقها للعمل باستقلالية، وايضا تحديات خفض الفاقد المائي التي وصلت إلى نحو 48 بالمئة، وفي بعض المحافظات 60 بالمئة، إضافة للتحدي الإداري، حيث تفتقد الوزارة الى وجود فريق أساسي من الخبراء الذين يجيدون تصميم المشاريع وتقييمها، وتحديد المخاطر وإدارتها، والتمويل، والخبرة في الأسواق المالية الدولية، وهذا ما ظهر جليا بضعف كفاءة كلف التشغيل والصيانة، وتأخير مشاريع استراتيجية كمشروع التحلية في حسبان والازرق والابار الجوفية العميقة والسدود التي ستشكل مع مشروع التحلية والناقل الوطني العصب الرئيسي للأمن المائي الأردني متوسط وطويل المدى.
فمشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الاحمر سيكلف بين 1.5 و2 مليار دولار أميركي، ويهدف الى تحلية مياه البحر بخليج العقبة وخلطه مع المياة الجوفية في وادي رم على نظام الـ(BOT) ، ونتمنى مشاركة فاعلة لصندوق استثمار الضمان الاجتماعي وشركة ادارة الاستثمارات الحكومية لهذا المشروع المربح، وممكن العمل على تقليل التكلفة عبر ربط المشروع مع شركات توليد الكهرباء من خلال التفاوض المباشر، وإدخال مشاريع استثمارية للاستخدامات الصناعية والزراعية لتعزيز التشاركية والتكامل الاقتصادي التي ستاسهم بخلق التنافسية بين القطاع الخاص وتمكنه من استكمال الغلق المالي مع الممولين والمانحين في اسرع وقت.
الهدف الأساسي للمشاريع الكبرى هو توفير المياه بأسعار معقولة، حيث أضحى الماء أساسا للتنمية البشرية في مختلف مجالاتها الزراعية والصناعية لحل المشاكل الاقتصادية الشائكة مثل الفقر والبطالة وتتيح الاستفادة منها بأفضل السبل، وتفتح الأبواب لمستقبل مشرق للأجيال القادمة، كما ان مواجهة التحديات تتطلب العمل بشكل جاد على مسارات متعددة ومتكاملة التي ترتبط بعلاقة طردية مع توفر الماء من عدمه.
إلحاح الحالة وتعقيدها يتطلب من القائمين على إدارة ملف المياه بوضع القواعد المؤسسية على نحو صحيح والاهتمام بالتدريب وتنمية الموارد البشرية، وخلق الثقة في برنامج الشراكة لتحفيز الاستثمار، من خلال فهم لآليات السوق، وضمان وضوح الإجراءات واتساقها، فمثل هذا المشروع الاستراتيجي يجب ان يبدأ به العمل على أقصى حد في الربع الثالث لهذا العام، فالتأخر في طرح المشاريع وتنفيذها او الخلل في إدارة العقود سيكون له تأثيرات سياسية وانعكاسات سلبية كبيرة على الأمن الاقتصادي والاجتماعي.