مراعاة المصلحة الوطنية في قانون الانتخاب
د. هايل ودعان الدعجة
17-05-2010 01:07 PM
المتابع لردود الافعال السلبية والمعارضة الصادرة عن بعض التنظيمات الحزبية والسياسية ومؤسسات المجتمع المدني على ما ترشح من ملامح وتعديلات اعلنت مصادر حكومية عن خطوطها العريضة على قانون الانتخاب الجديد ، الذي ستجري على اساسه الانتخابات النيابية القادمة ، يلاحظ اننا سنكون امام جملة من الاحكام المسبقة والمتسرعة على نتائج انتخابات لم تجري بعد ، وذلك رغم ان هذه التعديلات طالت الكثير من النقاط مثار الخلاف في قوانين الانتخابات السابقة . ما مثل استجابة رسمية للمطالب والملاحظات التي سبق وان طرحتها هذه التنظيمات . اتساقا مع التوجيهات الملكية في تطوير اجراءات العملية الانتخابية واجراء انتخابات نيابية نزيهة وشفافة . واللافت ان هذه الردود قد تجاهلت كل التعديلات الايجابية التي ادخلت على قانون الانتخاب ، وركزت ( هجومها ) على اسلوب الصوت الواحد الذي على ما يبدو سيتم اعتماده في الانتخابات القادمة . الامر الذي اكدت عليه التصريحات الرسمية في اكثر من مناسبة من منطلق مواءمتة مع المصلحة الوطنية والخصوصية الاردنية ، اضافة الى ما اشرت اليه نتائج الاستطلاعات المحلية المختلفة التي اكدت على تفضيل الناخب الاردني لهذا الاسلوب عن غيره من الاساليب الانتخابية . وربما لا نجانب الصواب اذا ما قلنا بان هذه النقطة كانت من اكثر النقاط وضوحا وحسما في النقاشات والسجالات التي دارت حول عملية الاصلاح السياسي . ما يعني ان النية كانت تتجه بشكل مسبق الى الابقاء على الصوت الواحد ، وان التعديلات المستقبلية كانت ستطال الاجراءات الاخرى وهو ما حصل بالفعل .
ومن منطلق الاجماع على عدم وجود نظام انتخابي مثالي في العالم ، يمكن نقله او استيراده وتطبيقه هنا او هناك ، فمن الطبيعي ان يقع خيار الدولة ــ أي دولة ــ على النظام الانتخابي الذي يواءم مصالحها ؛ ما يعني صعوبة او استحالة ان تقوم الدولة بتفصيل قانون انتخاب على قياس كل تنظيم او حزب يرغب بخوض الانتخابات . فكيف اذا ما كان هذا التنظيم او الحزب لا يشكل حضورا يعتد به في الساحة السياسية . كما هو حال احزاب المعارضة في بلدنا التي تعترض على الصوت الواحد في الوقت الذي لا تحتل فيه مساحة تذكر على الخريطة الحزبية المحلية ، استنادا الى عدد منتسيبيها الذين لا يتجاوزون بضعة الاف من مجموع النسبة الضئيلة جدا لعدد المنخرطين في العمل الحزبي في الاردن بشكل عام ، والتي تتراوح حول ال 1% تقريبا . فاي منطق يجيز لهذه الفئة القليلة والقليلة جدا ان تفرض رأيها وطرحها على حوالي اكثر من 2 مليون شخص يحق لهم التصويت ، وان تتجاهل نتائج استطلاعات الراي التي تؤشر الى ان معظم المستطلعين يرغبون بالصوت الواحد . ولان التعديلات المتوقع ادخالها على قانون الانتخاب ستكون متعددة ولافتة ، حيث يتوقع ان تشمل ( زيادة عدد المقاعد النيابية الى 108 والكوتا النسائية الى 12 والاشراف على الانتخابات ومراقبتها وتغليظ العقوبات على مروجي المال السياسي وضبط عملية تصويت الشخص الامي وغيرها من التعديلات ) فاني سأقف عند التعديل الذي يتوقع ان ينطوي على تقسيم الدوائر الانتخابية الى مناطق انتخابية صغيرة وبعدد المقاعد المخصصة لكل دائرة . فدائرة مثل دائرة عمان الاولى التي خصص لها اربعة مقاعد ، سيتم توزيع هذه المقاعد على اربع مناطق بمعدل مقعد واحد لكل منطقة ، بحيث يحق للمرشح ان يترشح بالمنطقة التي يريد . ما يعني ان الفرصة ستكون مواتية امام أي تنظيم او حزب بان يرشح مرشحين بعدد المناطق الانتخابية ، كأن يرشح اربعة مرشحين مثلا في اربع مناطق انتخابية ضمن الدائرة الواحدة ، بدلا من الاكتفاء بترشيح مرشح او اثنين في الدائرة الواحدة كما كان في السابق ، الامر الذي سيزيد من فرص فوز الحزب باكثر من مقعد ، وذلك بعد ان يتم توزيع المقاعد النيابية في المملكة على عدد المناطق الانتخابية ، ما يمثل العدالة في توزيع المقاعد وفي عملية التصويت بصورة صوت واحد لمقعد واحد .