التوتر الأمريكي - الإسرائيلي: إلى أين؟
داود عمر داود
02-05-2021 06:35 PM
تمر العلاقات الإسرائيلية الأمريكية بفترة توتر شديد بعد تولي إدارة بايدن السلطة، وإنقلابها على نهج (الصك المفتوح) تجاه إسرائيل، الذي سار عليه الرئيس السابق دونالد ترامب. فقد تأخر الرئيس جو بايدن في إجراء مكالمة مجاملة هاتفية مع نتنياهو، التي عادة ما يجريها الرؤساء الجدد مع زعماء دول العالم. كما أن بايدن لم يعين، لغاية الآن، سفيره لدى إسرائيل رغم مرور أكثر من 3 أشهر على رئاسته. أضف إلى ذلك الإستقبال الفاتر والباهت الذي لقيه وفد أمني إسرائيلي رفيع المستوى زار واشنطن مؤخراً.
المواجهة:
لقد أدركت إسرائيل بأن إدارة بايدن تسعى إلى تهميشها إقليمياً، وإبعادها عن أية ترتيبات مستقبلية، بسبب معارضتها لإحياء الإتفاق النووي مع إيران، ثم رفضها تسوية القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين واستمرارها في الضم والاستيطان، ثم إصرارها على إقامة علاقات تعاون مع الصين وروسيا دون إطلاع واشنطن على تفاصيلها، ثم إفتعال وإثارة الخلافات مع مصر والاردن. هذه النقاط مجتمعة تعتبرها إدارة بايدن استفزازات ربما تؤثر سلبا على مكانة ومستقبل إسرائيل، وأمنها، وتجعل من الصعب استمرار الغطاء الدبلوماسي الأمريكي لها دولياً، لدى الأمم المتحدة، ولدى محكمة الجنايات في لاهاي.
الاتفاق النووي الإيراني:
منذ يومها الأول، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن نيتها التفاوض من أجل إحياء الاتفاق النووي الإيراني، الذي انسحبت منه إدارة ترامب، سنة 2018. فجُن جنون حكومة إسرائيل التي تعارض عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، فحاولت عرقلة ذلك بشتى الطرق. فما كان من إدارة بايدن إلا أن أرسلت وزير دفاعها، (لويد أُوستن)، لإسكات إسرائيل وإيقاف مساعيها ضد الإتفاق مع ايران.
إهانة الوفد الإسرائيلي في واشنطن:
إلا إسرائيل لم تيأس فأرسلت وفد أمنياً رفيعاً، برئاسة رئيس الموساد، (يوسي كوهين)، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي، (مئير بن شبات)، إلى واشنطن لمواصلة التعبير عن معارضتها لعودة أميركا إلى الاتفاق النووي الإيراني. لكن البيت الأبيض أعلن مسبقاً أن زيارة الوفد الإسرائيلي لن تغير الموقف الأمريكي من المفاوضات مع إيران. كما أن الوفد الإسرائيلي لم يلق الإهتمام المعتاد، ولم يتم استقباله لا في البيت الأبيض، ولا في الخارجية الأمريكية، ولا في أي مقر حكومي أمريكي، وإكتفت إدارة بايدن بإرسال مستشارها للامن القومي، (جيك سوليفان)، ليلتقي بأعضاء الوفد في مبنى السفارة الإسرائيلية، في واشنطن. وقد أبدى الوفد الإسرائيلي امتعاضه وقلقه من هذه المعاملة التي لقيها من الجانب الأمريكي، ومن كيفية سير الاجتماع مع المسئولين الأمريكيين.
تهميش إسرائيل:
حالة العلو التي عاشتها إسرائيل، خلال إدارة ترامب، جعلت حكامها لا يستوعبون المتغيرات الدولية، ويرفضون الإعتراف بواقع جديد يستبعد كيانهم من أي ترتيبات إقليمية، تريد واشنطن من خلالها إعادة رسم تحالفاتها في الشرق الأوسط. وهذا يعني تهميش الكيان الصهيوني وإضعافه دولياً، على المدى البعيد، مما يضع حداً لإحلامه التوسعية.
الإشكالية لدى ساسة إسرائيل أنهم يتجاهلون المتغيرات على الساحة الدولية، ولذلك أكثر من سابقة. فقد أجبرت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، دوايت أيزنهاور، حكومة ديفيد بن غوريون، تحت التهديد، على الإنسحاب من شبه جزيرة سيناء بعد أن احتلتها، خلال العدوان الثلاثي على مصر، عام 1956. كما أن هناك سابقة اخرى، إذ أجبرت إدارة الرئيس الأسبق، جيمي كارتر، حكومة مناحيم بيغن التوقيع، رغم أنفه، على معاهدة كامب ديفيد، سنة 1979، التي قادت إلى إنسحاب إسرائيل للمرة الثانية من سيناء، عام 1982، وإلى تفكيك مستوطناتها، مما أصاب بيغن بحالة من الذهول والإحباط لازمته حتى وفاته.
خلاصة القول: هل يتخلى الغرب عن إسرائيل؟
تُعتبر الولايات المتحدة شريان الحياة بالنسبة لإسرائيل، ورغم ذلك فإن ساستها يقفون ضد المصالح الأمريكية في المنطقة، ويتملصون من مشروع واشنطن المتمثل في حل الدولتين، مما أدى إلى توقف المفاوضات منذ عام 2014، وقد وضعها ذلك في مأزق كبير مع إدارة باراك أوباما. فإسرائيل تعض اليد الأمريكية التي تُطعمها وتحميها.
فإنكار الجميل من ضمن الصفات التي تلازم العقلية الصهيونية، على الدوام، وتشمل الخداع، وقسوة القلب، والدهاء، والمكر، والخيانة، والغدر، وسفك الدماء، وأكل أموال الناس، وكتمان الحقيقة، والبخل، والجُبن الشديد، وتحمل حياة الذل، وخيانة العهود والمواثيق، وتحريف الكلام، والإفساد، وغير ذلك من صفات الخسة والنذالة. ولقد ساهمت هذه الصفات في تشكيل عقليتهم وفكرهم الصهيوني المنحرف، وهي نادراً ما تجتمع كلها في مجتمع بشري واحد غيرهم. فهل يأتي ذلك اليوم الذي يتخلى فيه الغرب عن إسرائيل بسبب تكبرها واستعلائها؟