عندما ما تفشل في فهم المعنى الحقيقي لبعض المواقف في الحياة وتعجز عن ترجمة كمية القبح الذي تحتويه.
عندما تقف عاجزا عن إيجاد التفسير لبعض مظاهر الكراهية التي تنهال فجاءة كهدير زلازل مدمر، تصاب بالفزع، تدهشك القسوة، تشعر أنك تريد أن تختفي وتقفل كل الأبواب والنوافذ.
تطفيء الضوء، وتشعل سراجا انفرادي ليساعدك على تحمل كمية الظلام المنبعثة إليك.
يسكنك الحزن وتملأ الحسرة قلبك ويعم الصمت الذي يشبه ذلك المختزن تحت أعماق البحار العميقة، أو في الصحراء الواسعة حيث لا حياة.
تشعر بأن الغيوم سوداء معلقة، والمنازل تصبح مثل الكهوف الرطبة، يسكن الصمت بداخلك ويمنعك عن النطق مثل طفلة وحيدة وخجولة.
عندها فقط تتجول الظلال الملبدة بالغيوم بحرية، تتمنى لو أن أحدا لم ينطق فوق الأرض.
تمعن في الصمت فلم يبقَ شيء لتحارب من أجله، فقد مررت بمواقف جعلتك تفضل أن تعيش في صمتٍ كامل بلا كلمة أو شعور.
الصمت نفسه ليس له وجه لكن يمكن أن يجيب على الأسئلة التي قد تفشل الكلمات في الإجابة عليها.
عندما يسكن الشعور بالحزن القلب يعتزل المرء بعيدا في صمت بارد لا نهائي. يعيش السكون العميق النقي الخالي من الكلام.
تشعر بأن الهدوء الناعم يحوم حولك، تغمرك نسمات الفجر الرقيقة المتسللة من قلب السماء.
تنفس بعمق ودع عبير نسمات الفجر تسكن روحك، لتطرد بكل شهقة الوجع أو الضيق الذي خنق أنفاسك وحاصر دقات قلبك.
عند شروق الشمس تخرج إلى الكون الواسع، لا تنسى أن ترتدي قناعك الذي قيل لك أنه أداة حماية من الوباء القاتل.
عند خروجك من وحدتك تجد كل من حولك يرتدون الأقنعة، تدهشك حقيقية عشق البشر لتلك الأقنعة هل لأنها تخفي ما تحملة النفوس من الضيق!
هل باتت هذه الأقنعة أداة إخفاء وجع البشر وحزنهم!
الأقنعة تخفي الكثير خلفها، ما عدنا نقلق من ارتدائها، لقد تكيفنا معها بل أصبحنا نختار لها ألوان تحاكي الحياة وتنوعها وتقلباتها.
أخشى أن يرفض البشر نزعها بعد رحيل الوباء فهي ما عادت أداة وقاية بل هي حماية تخفي الكثير من الأحاسيس خلفها، فقدنا الرغبة في رؤية ما خلف الأقنعة لفرط ما واجهنا من وجوة مزيفة.
لم يعد هناك سوى العيون لتتحدث وتظهر خوفها قلقها دهشتها ابتسامتها وغضبها في لغة خاليه من الأصوات. لغة واحده تنبع من الروح فيصعب تزويرها.
العيون فقط باتت تكشف الحقيقة فلا تحكم على البشر من الكلام، النظرات العابرة قد تكشف لك حقيقة ما يُخفيه الأشخاص. أنظر إلى العيون لترى المشاعر أمامك مجردة كشريط مسجل.
أرتدي قناعك وامضي بعيدًا ودع عيونك تصرح "لا يعنيني أي شعور عظيم يكنه لي أحدهم إذا كان يتصرف على عكسه تمامًا".
أمضي واثقًا واهمس للكون "لا تساعدني ولكن لاتؤذيني، اكرهني ولكن لا تتصرف كأنك تحبني، لاتجعلني سعيدا ولكن لا تفسد سعادتي".
الأقنعة لم تعد تحمي من الوباء فقط بل باتت تخفي ما لا نريد أخبارهم به، بتقنية النظرة المبهمة التي يصعب تفسيرها.