الحركات الإسلامية .. خريف الوهابية (١)
د. بسام العموش
02-05-2021 03:04 AM
مع معرفتي أن كلمة " وهابية " لا يقبلها من تطلق عليهم إلا أنني اعتذر منهم على استخدامها لأنها متداولة في الإعلام والفكر والكتب والمحاضرات والرسائل العلمية ولأن قصدي الحديث بصورة محددة عن اتباع محمد بن عبد الوهاب حليف آل سعود والمساهم مساهمة كبرى في قيام المملكة العربية السعودية وتأثر هذه المملكة بأقواله عبر عقود طويلة .
تقف " الوهابية " اليوم في موقف لا تُحسد عليه حيث تعيش خريف المرحلة بعد أن كانت لها مراحل ذهبية على مستوى العالم .
في المقابلة الأخيرة للأمير محمد بن سلمان مع قناة mbc كلام في غاية الصراحة والوضوح بأن عهد الوهابية قد انتهى وقال الأمير بالحرف " لو نهض الشيخ محمد بن عبد الوهاب من قبره لغيّر بعض ما قاله لتغير الظروف " أقول : وهذا فيه صحة ولكن الأساسيات ربما ستبقى ثوابت لأنها عناوين اعتقادية .
لم يبق في المملكة السعودية مطاوعة وهيئة أمر بمعروف ونهي عن منكر لأن استراتيجية( ٢٠٣٠) تتطلب الانفتاح في الاستثمار والسياحة واستثمار الطاقات الشبابية والفن وغير ذلك .
لا يمكن لفقه الوهابية الانسجام مع هذه الاستراتيجية فهو فقه يقوم على المنع والتحريم والتوسع في درء المفاسد . كيف للفن أن يتقدم بوجود أناس يحرمون الصور والتصوير ؟ وأناس يرون وجوب غطاء الوجه للمرأة ؟ كيف يمكن للسياحة أن تتم اذا كانت نظرة الوهابية لمن هم خارج " ديرة التوحيد " التي يعنون بها الرياض ؛ نظرة سوداء تصل إلى القول بشركهم؟! .
واذا كانت الوهابية في عقر دارها وصلت هذا الحال فما بالك في الخارج ؟ لم يعد هناك دعم للبرامج الدعوية لأن المطبوعات كلها تحتاج إلى إعادة نظر وبخاصة مع تأكيد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن دستور السعودية هو " القرآن " وليس بالضرورة كما فهمه البعض عبر زمن بعيد .
ثم ما الحاجة للدعوة الخارجية بعد أن تراجع دور المنظمات الإسلامية السعودية مثل الإفتاء والجامعة الإسلامية وجامعة الإمام والندوة العالمية للشباب الإسلامي ؟! الدعوة الخارجية اليوم " حضارية " ينقلها الأمين العام الرابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد العيسى في انسجام مع تقارب اتباع الأديان المتعددة حتى الديانات الأرضية .
نعم الوهابية كانت ولم تعد ؛ وبخاصة أن من يتعاطون معها في كل بلد صاروا يجدون مقاومة من حكومات بلادهم بدعوى أن هذا الفكر هو الذي تبناه تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة ورموز السلاح والدمويات مثل ابن لادن والظواهري والزرقاوي ومن يؤيدهم.
الخوف من هذا الخريف أن يولد ردود فعل غير قانونية إذا استمر الضغط بالصورة الحالية وربما من المناسب أن يسبق أي إجراء في أية دولة حوار مراجعات لاستمرار ما هو حق عند هذه الحركة وتخليها وأتباعها عما كان في دائرة التشدد فليس كل ما في الحركة كان مغلوطا" .والحوار هو الطريق الوحيد لحالات المعالجة الفكرية والفقهية والمذهبية .