تتكرر الأحداث الداخلية التي تظهر لنا جلياً حالتي الغضب والحنق اللتين تطغيان على مزاج الأردنيين خلال هذه الأيام، خصوصاً إذا ما كانت هذه الحادثة اجتماعية فإنها تتحول وبشكل غير طبيعي إلى حالة غضب سياسي وترتفع السقوف وتصبح الهتافات والنقاشات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أقرب إلى معركة بين المواطنين ومؤسسات وقيادات الدولة الاردنية بكافة مستوياتها.
السؤال الغائب الحاضر في مثل هذه الاحداث! كيف وصلنا إلى هنا؟ وهل فعلاً أن كل حادثة يكون مردها سياسي؟ ماذا ينتظرنا من حوادث يمكن لها أن تحمل أثراً ليس بالهين؟ هل تدرك مؤسسات الدولة خطورة ما وصلنا الية؟ وهل يوجد لديها أي تنبؤ بما ستؤول إليه مثل هذه الأحداث في المستقبل القريب؟ هل نملك نحن الأردنيين أفرادًا ومؤسسات وحكومات أية خطط أو رسائل يمكن تنفيذها في حال خرجت الأمور عن السيطرة؟ تساؤلات كثيرة نستشعر بها في مثل هذه الاحداث وتعبر عن المسكوت عنه في مجتمعنا الاردني على كل الأصعدة سواءً كانت اجتماعية أم اقتصادية أم سياسية.
لا بد اليوم أن نتنازل ولو قليلاً عن نهج ترحيل الأزمات وأن تقف مؤسسات الدولة وتصارح أنفسهاً أولاً ومواطنيها بأن الامور ليست بخير وبأننا بحاجة إلى تحرك سريع يقضي إلى تحسن في الحالة الاقتصادية أولاً وثم ترسيخًا للعدالة بين المواطنين مما يؤدي إلى حالة وطنية يمكن أن تكون مريحة على الصعيد السياسي بشكل أفضل، التصالح مع أنفسنا والاعتراف بحجم المشكلة واحدة من الخطوات ولكن وبشكل موازي لذلك يجب إعادة النظر بالكثير من القوانين والعادات التي تنظم حياة الأردنيين وتحليلها والعمل على تطويرها بما ينسجم مع متطلبات المرحلة.
أخطر ما تكشف عنه مثل هذه الأحداث والسلوكيات ضعف ثقة المواطنين بمؤسساتهم وقدرتها على ترسيخ العدالة وحفظ حقوق المواطنين، ولعل زعزعة هذه الثقة بمؤسسات الدولة يدفع المواطنين للتفكير بالقيام بدور هذه المؤسسات من خلال التطاول أو التعدي على القانون وعلى مؤسسات الدولة مما يشكل خطراً على السلم المجتمعي ويقدم نموذجاً من الفوضى الهدامة متجاوزين دولة القانون والمؤسسات.
أخيراً؛ نحن لا نتحدث ونكتب من أجل أن يقال بأن فلاناً يكتب في منبرٍ ما، نحن نقول اليوم الحذر ثم الحذر من أن نستمر بغرس رؤوسنا في التراب حتى تقع الكارثة، ما زالت الفرصة متاحة وما زال لدينا خيارات متعددة للتعامل مع هذا الظرف الاستثنائي الذي يعاني منه المواطن والمجتمع ولكن فرصة تعدد الخيارات لن تبقى طويلًا لأننا نسابق الزمن! فهل من مستجيب؟
الدستور