العملات الورقية ليست في أحسن حالاتها، وليس أدل على ذلك من ارتفاع أسعار الذهب والبترول والعقارات. وعند المقارنة لم يعد السؤال: ما هي أفضل عملة بين العملات الرئيسية بل أيها أقل سوءاً.
الدولار مثلاً يعاني من أكبر أزمة ضربت الاقتصاد الأميركي، وسعر الفائدة عليه قريب من الصفر، ومع ذلك فإنه يحلق الآن عالياً بسبب تراجع العملات الأخرى وخاصة اليورو الذي خسر حوالي 10% من قيمته على أثر أزمة اليونان.
أصحاب الأصوات العالية الذين طالبوا بفك ارتباط الدينار بالدولار لاذوا الآن بالصمت، ويتمنون لو ينسى الناس الضجة التي خلقوها، فقد اتضح مجدداً أن ارتباط الدينار بالدولار خدم الاقتصاد الأردني، وأكد الاستقرار النقدي، وعزز الثقة العامة، وأبطل مفعول الإشاعات حول المستقبل.
لا ندري كيف يوزع البنك المركزي احتياطي العملات الأجنبية، وما هي حصة كل عملة هابطة أو صاعدة، والمأمول أن يكون الدولار هو العملة الرئيسية التي يقتنيها البنك المركزي، وأن يكون تأثير هبوط اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني محدوداً للغاية.
من نتائج ارتفاع الدولار، وبالتالي ارتفاع سعر صرف الدينار تجاه العملات الرئيسية، أن تنخفض كلفة المستوردات من الاتحاد الأوروبي وهو الشريك التجاري الأول للأردن، وأن تنخفض قيمة المديونية الخارجية المحررة باليورو أو الين أو الجنيه.
العملة القوية لها حسنات وسيئات، ومن هنا التمسك بالاستقرار كسياسة حكيمة بعيداً عن المضاربات والقفز في الفراغ. العملة القوية تخفض عبء المديونية وكلفة المستوردات، وتجتذب المستثمرين، ولكنها قد تقلل تنافسية الصادرات وتقلل جاذبية البلد للسياحة.
ماذا عن المستقبل ؟ لا أحد يدري، والتنبؤات تخطئ أكثر مما تصيب. وليس من الحكمة الإكثار من الحركة والقفز من عملة إلى أخرى اعتماداً على هواجس قد لا تتحقق، وقد يتحقق عكسها.
الاكونومست تساءلت عما إذا كانت هناك عملات غير مهزوزة، فلم تجد سوى الدولار الكندي والدولار الاسترالي والون الكوري الجنوبي، فهي عملات مستقرة، مدعومة باقتصادات قوية وبنوك سليمة، ولكنها ليست عملات رئيسية مرغوباً فيها لاحتياطيات الدول.
نعيش في عالم متغير لا يخضع للتقنين والتنظيم، ولا يعطي مؤشرات كافية عن اتجاهات المستقبل، وكلمة السر هي المخاطرة لمن يريد أن يمارسها ويتحمل النتائج.
الراي.