ونحن نحتفل بعيد العمال العالمي ..
فيصل تايه
01-05-2021 09:41 AM
يصادف اليوم السبت الاول من مايو/أيار عيد العمال العالمي، في ظل تحدٍ استمرار تفشي فيروس كورونا والذي ضاعف الأعباء التي تقع على عاتق العمال ، فقد اصبحت اوضاع الطبقة العمالية أكثر صعوبة وبؤساً ، من حيث انخفاض معدلات الأجور ، وإزدياد هجوم و"تغول" و"توحش" الرأسمال على حقوقهم ومكتسابتهم ، بما يعني إزدياد الفقر والجوع والبطالة ، وهذا يدعو الى ايجاد مؤسسات واتحادات نقابية حقيقية تمثلهم ، وتأطرهم وتنظم عملهم ، وتدافع عن حقوقهم ، وتحميهم من الإستغلال ، على أسس ديمقراطية تعزز المساءلة والمحاسبة وتضمن مشاركة القواعد العمالية في إدارة وقيادة العمل النقابي المهني بعيداً عن عقلية الاستئثار او المحاصصة او التفرد مع الرفض القاطع لاي تداخلات سياسية وغيرها .
ان ذكرى عيد العمال تعود علينا هذا العام في الاردن ، والعمال ما زالوا يرزحون تحت وطأة واحدة من أصعب الأزمات العالمية ، مثلهم في ذلك مثل ملايين العمال في مختلف اصقاع الأرض ، إذ تراجعت سبل كسب العيش لعشرات آلاف منهم سواء كانوا يعملون في الاقتصاد المنظم أو غير المنظم والذين ينتشرون في غالبية القطاعات الاقتصادية ، اضافة إلى انخفاض أجور مئات آلاف العاملين منهم ، بسبب سياسات الاستجابة الحكومية والتي فرضتها جائحة كورونا ، والتي سمحت بتخفيض أجورهم بنسب متفاوتة استقرت عند ٢٥ بالمئة للعاملين في الأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا وفق تصنيف الحكومة ، وهذا ساهم بشكل ملموس في تراجع المستويات المعيشية لعشرات آلاف العاملين في مختلف الأنشطة الاقتصادية .
ان هول "الأزمة" أثبتت أن هناك قصورا كبيرا في منظومة الحماية الاجتماعية للعاملين في مختلف القطاعات العمالية ، فقد تبين أن ما يقارب نصف القوى العاملة غير محمية بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية ، الأمر الذي أدى إلى حرمان مئات الآلاف من العاملين من الاستفادة من برامج الحماية التي مولتها الحكومة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي للمشتركين في الضمان الاجتماعي فقط ، ما كان له الأثر الكبير من تداعيات اجتماعية بسبب ارتفاع نسبة البطالة وزيادة نسبة الفقر إلى أرقام غير مسبوقة ، ما يستدعي النظر في تعديل التشريعات الخاصة بالعمل حتى تتلائم مع متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية مع ضرورة مواصلة العمل وتحقيق "التوازن بين الإنتاج والوقاية" حتى تستمر الحياة .
اننا وضمن الظروف الحالية وما تبعها من آثار سلبية وانعكاسات مقلقة على ظروف العمل والعمال بعد أكثر من عام على تفشي الوباء ، من الواجب التذكير باستمرار بأن أرقام البطالة في أوساط عمالنا قد بلغت معدلات قياسية غير مسبوقة ، ما يدل ان ناقوس الخطر ما زال يدق بحرارة تجاههم ، وان الكثير من العائلات تعاني من انعدام دخل منتظم يسد إحتياجاتهم ، فالحالة التي فرضها الوباء وحالة الحظر الجزئي المتواصلة ، وإغلاق بعض القطاعات الاقتصادية التي كانت توفر فرص العمل ، اضافة للاحتياطات التي تتخذها الحكومة حالياً للحماية من "متحورات" كورونا المستمرة أدت إلى شلل في العديد من جوانب الحياة الاقتصادية واستمرار فقدان الآلاف من العمال لوظائفهم وأعمالهم ، الأمر الذي يتطلب من الحكومة ، تقديم حلول وتدابير ومعالجات إقتصادية وتشريعية عميقة وعاجلة وعادلة وشفافة تجاه العمال الذين ما زالوا بدون عمل وانقطعت بهم السبل خاصة عمال "المياومات" ، ذلك بتوفير كل متطلبات الدعم والإسناد والإعانة المالية والمعنوية ، والتوسع في تطبيق برامج الضمان الاجتماعي ، بالرغم من ان الحكومة "لم تألو جهدا" ، حيث كانت قد اتخذت حزمة من الإجراءات لدعم القطاع الخاص بشكل عام سواء المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو المشروعات الكبرى ورجال الأعمال ، حيث كانت قد قدمت مجموعة من الحوافز والمساعدات مثل تخفيض أسعار الفائدة وتأجيل القروض ، وغيرها من الإجراءات الاقتصادية الداعمة لمختلف القطاعات ، وذلك لكي يحافظ القطاع الخاص على العمالة المتوفرة لديهم وليس لتسريحها في ظل هذه الظروف الاستثنائية.
بقي أن اقول .. ان العامل الاردني يستحق منا أكثر من الاحتفال بعيده ، لذلك ينبغي أن نعترف جميعاً بأن العامل الاردني يحتاج الى معالجة فورية للمشاكل الجوهرية التي تمس معيشته ، فقد اخفقنا سابقاً في فهم التحولات الخطيرة التي أحدثتها المشكلة الديمغرافية في حياتهم جراء وجود اللاجئين من دول الجوار المنكوبة ، ومنافستهم ومزاحمتهم للعمال الأردنيين في رزقهم ، اضافة الى جشع ارباب العمل في التعدي على حقوقهم والتنكر لمستحقاتهم والمضي في استخدام العمالة الوافدة بشكل غير شرعي او قانوني .
واخيراً فأن الاحتفال الحقيقي للعمال بهذه المناسبة هو العمل على ايجاد فرص العمل ، والتأكيد على افضلية تشغيل العمالة الأردنية ، وشمولهم بالدعم المادي المقدم من الحكومة للأسر الفقيرة إلى الحد الذي يؤمن لكل فرد منهم حياة سعيدة وآمنه ، ترفع عنهم "سحنة البؤسة" التي باتت تسيطر على تفاصيل حياتهم اليومية ، اضافة لمساعدة العاملين منهم في تحسين أوضاعهم المهنية وجودة إنتاجهم والارتقاء بهم وتأهيلهم ، والرفع من مستواهم العملي ، ذلك بالتأكيد على ايجاد تشريعات وطنية ملزمة ، وكما سبق واسلفت من خلال الهيئات المهنية والنقابية المستقلة التي تمثلهم بعيدا عن مراكز التأثير و القرار .
وكل عام وعمال الوطن بالف خير