استغناء عن عمال، وتخفيض أجور، وعدم عدالة، وظروف عمل غير مناسبة، وزيادة في البطالة، واتساع في رقعة الفقر.. هكذا يُشارك عمال الأردن، دول العالم الأجمع الاحتفال بيوم العمال العالمي، والذي يصادف في الأول من أيار من كل عام.
وسط كل تلك المنغصات والتحديات والعقبات، يحتفل عمال الأردن للمرة الأولى بيومهم، في المئوية الثانية لتأسيس الدولة الأردنية، مع ما يُرافق ذلك من ضنك عيش، وسوء حال، وقلة حيلة، وازدياد واضح في حالات الفقر، الذى قضى على الطبقة المتوسطة، التي تُعد الأهم في كل دولة، ويقع على عاتقها الحمل الأثقل للنهوض بالدولة، وارتفاع معدلات البطالة، التي وصلت نسبتها لأكثر من 33 بالمائة.
وما زاد الطين بلة، أن كل ذلك تزامن مع انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، حيث مر ما يقرب من الثمانية عشر شهرًا على بدء هذه الجائحة، زادت بالتأثير السلبي على معيشة العمال بشكل عام.
في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، التي عاشها ويعيشها الأردنيون، كان العمال هم الضحية الأكبر، في ظل تلك الظروف، والتي تزامنت مع الجائحة، حيث تعرضوا لظلم وعدم عدالة، على مرأى ومسمع الحكومة، سواء الحالية أو تلك التي سبقتها.
فالعمال كانوا أكثر المتأثرين بالسلبيات الناجمة عن القرارات والإجراءات التي اتخذت إثر “كورونا”، حيث كانت البداية مع تخفيض الأجور، ويا ليت توقف الأمر عند ذلك الحد، بل قامت العديد من منشآت القطاع الخاص بالاستغناء عن الكثير من الموظفين.. وللإنصاف، فإن هناك مؤسسات وشركات خاصة قامت بتصفية أعمالها والهروب إلى خارج البلاد، أو بمعنى أصح الاستثمار خارج الأردن.
الحكومات المتعاقبة، تتحمل آثار الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الوطن، حيث كان ديدنها، كلها، وبلا استثناء، قائما على محور واحد فقط، يتمثل بالاقتراض من صندوق النقد الدولي، الذي لا يترك مناسبة وإلا ويُوصي بفرض ضرائب إضافية مباشرة وغير مباشرة، يتحملها فقط المواطن، أو بمعنى ثان العامل وصاحب الدخل المحدود.
ما دامت الحكومات تتبنى النهج نفسه، فإنها ستبقى عاجزة عن معالجة الاختلالات التي تُعانيها “المالية الأردنية”، وستبقى جريئة على جيب المواطن وأمواله، وستبقى حلولها دومًا على حساب العاملين وأموالهم في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، الذي بات من المسلمات، في نظر الحكومات، بأنه هو الحل الوحيد بعد جيب المواطن.
إن لجوء الحكومات، التي لم تتحمل أي تبعات مالية، إلى مثل تلك الحلول، التي تنحاز إلى أصحاب المال فقط، من شأنه الإخلال بالتوازنات الاجتماعية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات غير مسبوقة، فقد خسر الأردن خلال العام الماضي نحو 140 ألف وظيفة.
يبقى أن أُشير إلى أن التشريعات العمالية في قانوني العمل والضمان الاجتماعي وأنظمة النقابات العمالية، تضمنت حقوقا أساسية متعلقة بشروط العمل والأجور المتكافئة مع ظروف العمل وحق التنظيم النقابي المستقل وكذلك اللجوء إلى الإضراب عن العمل.. إلا أن تطبيقها على أرض الواقع، يشوبه الكثير من السلبيات، أو أنها تُطبق على استحياء، وحسب المزاد أو “الموجة”.
(الغد)