اللجنة الوطنية لمكافحة الاوئبة- ما لها وما عليها
الدكتور مهند النسور
28-04-2021 11:21 AM
تقوم اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة بمكوناتها المختلفة بدور مُهم في تقديم النُصح والإرشاد بقضية صحية طارئة بشكلٍ علمي وتحليلي منطقي لواقع الحال وبحياد تام لأصحاب القرار في وزارة الصحة، الذي بدوره وبناء على توصيات ونصائح اللجنة يقوم ببناء التصورات والقرارات التي يراها مناسبة ومهمة، حيث يعود تأسيس هذه اللجنة الى بداية تسعينيات القرن الماضي، وهي ما تزال تقوم بدورها الوطني حتى يومنا هذا.
ونتيجة ظهور الوباء العالمي لفيروس كوفيد19، مرت اللجنة في الفترة الماضية بمراحل مُتعددة، تم فيها ظهور دور اللجنة بشكل أوضح ولافت للمجتمع الاردني ولوسائل الاعلام المحلية، وبرز في هذا الظهور الاعلامي المبالغة والتضخيم أحياناً في تحميل اللجنة المسؤولية لبعض القرارات التي تنعكس بشكل مباشر على المجتمع والحياة اليومية للمواطن الاردني والمؤسسات الخاصة والعامة، ومن ناحية اخرى كان لهذه اللجنة التأثير إيجابيًا في معظم الأحيان، واستطاعت كسب مصداقية وثقة عالية لدى المواطنين والرأي العام والحكومة، وشكلت توصياتها وقراراتها توازنا حقيقيا ملموسا بين سلامة الاجراءات الوقائية والاحترازية للحد من الانتشار المُجتمعي للفيروس واستمرار دورة الحياة.
اليوم وبعد مرور عام ونصف العام على وجود هذه الأزمة الوبائية، أصبح هناك دور أقل نسبيا لهذه اللجنة، وترجع الاسباب الجوهرية وراء ذلك لارتباط إدارة الأزمة بأجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة، وليست الصحية فقط، والتمكين الذي أصبح لدى اجهزة ومؤسسات الحكومة نتيجة الخبرة والكفاءة والتجربة في إدارة دفة الأزمة مع مرور الوقت، بالعمل بشكل شمولي من أجل تحقيق التوازن بين القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية وادارة المعابر الحدودية، وإدامة دورة العمل والحياة اليومية، والحد من التأثيرات السلبية على كافة هذه القطاعات، مما انعكس بشكلِ واضح على تراجع الظهور السابق والملفت للجنة على مستوى المجتمع المحلي والاعلامي، وهذا شيء صحي وطبيعي ولا يحصل في الاردن فقط بل في معظم دول العالم ويجب ان يكون هذا واضحا للجنة اولاً، وللدولة والمواطنين وبعيدا عن التعبئة الاعلامية وتجييش الرأي والرأي الآخر.
تعمل اللجنة بروح الفريق – وإن تنوعت الآراء احيانا في جزئيات او مواقف معينة- في تقديم دورها الاستشاري الصحي للمُساهمة في الحد من تأثيرات الأزمة الوبائية التي تمُر بمراحل مُختلفة، وتتنوع في هذه المراحل المُعطيات والتأثيرات المُباشره للقرارات الحكومية على القطاعات المِختلفة، وهذا لا يعني بشكلٍ أو بآخر بأن تُصبح اللجنة شماعة تُعلق عليها نتائج بعض القرارات، سواء كانت هذه القرارات صائبة أو خاطئة، وليس من العدل بأن تكون عُرضه لتحميلها وزر التحديات التي سببتها الجائحة ونتائجها على القطاعات المختلفة وانعكاساتها على الحياة اليومية للمواطن. وفي نفس الوقت فهدف اللجنة الأسمى هو تمكين وزارة الصحة من عملها وليس انشاء كيان رديف او مناكف. ويجب على الجميع النأي التام باللجنة عن اي دور سياسي.
وهُنا دعوة لوسائل الاعلام بمُختلف مرجعياتها والصالونات السياسية بالكف عن العشوائية في اطلاق الاتهامات والانتقادات للجنة، والتي لا تستند الى تقصي الحقائق والمهنية في الحصول على المعلومة المفيده، وعليها تحمل مسؤولياتها بأمانه وإخلاص في ظل هذا الظرف الدقيق الذي يمُر به الوطن، والبحث عن استقطاب الاعجابات والقُراء المُرتادين للمواقع الإلكترونية بعناوين وافتتاحيات مُلتزمة برسالتها، دون اللجوء الى العناوين البراقة والمُثيرة للجدل على حساب التقليل من شأن اللجنة، وجعلها عُرضةً لتحميل الأخطاء والمُهاترات الإعلامية، والصاقها بها بعيداً عن الاهتمام بالأصداء لهذه العناوين وما تُسببها من إرباك للمجتمع المحلي بكافة فئاته. كما على اللجنة الالتزام بدورها الرئيس الفني والابتعاد عن التسيس والاستقطابات المختلفة.
إن هذه اللجنة الوطنية لمكافحة الاوبئة التي تعمل من أجل صحة المواطن وتقديم البراهين والدلائل العلمية لمُكافحة الوباء والآثار الناتجة عنه تستحق منا جميعًا التقدير والاحترام، خصوصًا اذا علمنا بأن مُنتسبي هذه اللجنة يعملون بصمتٍ وإخلاص، دون مُقابل مادي أو معنوي أو منفعة شخصية، همهم خدمة الوطن الذي هُم أبناؤه المُخلصون، مع تقديري واحترامي لكافة الزملاء في هذه اللجنة الموقرة سواء من غادر منهم في اوقات مختلفة أو من تشرفنا بهم طيلة فترة هذه الأزمة، دُمتم ودام الوطن بخير.
*عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الاوئبة
الغد