الدولة القوية في شقها الرسمي، هي الدولة التي تتماهى مع "نبض الشارع". هي تماما رب أسرة يتحسس ويستمع لآراء أفرادها، يستجيب لما هو ممكن، ويشرح مبررات ما هو غير ممكن، إنسجاما مع حقيقة إمتلاكه بحكم الموقع للمعلومات التي تحول دون التنفيذ، نظرا لضررها على الأسرة ومصالحها العامة.
إستجابة الدولة لمتطلبات شعبها تعني القوة لا الضعف كما قد يتوهم البعض. المصارحة والمكاشفة هي أقوى وخير وسيلة لكسب ثقة الشعب. أن نقول أين أخطأنا وأين أصبنا وما هو برنامجنا للتصحيح، يعني أننا في حضرة دولة قوية واثقة من نفسها ومن قدرتها على مواجهة الأزمات.
أزمتنا في الأردن مركبة، سياسية إقتصادية إجتماعية، ثم جاءت جائحة كورونا وعقدتها أكثر. الصمت موحش والمصارحة فيها راحتنا جميعا مواطنين ومسؤولين.
إجتهادي يقول.. أن نذهب ودونما إبطاء إلى تطبيق مقولة "أحنا عيال اليوم". هذا يعني أن نخرج إلى الشعب بمشروع إصلاحي وطني شامل "سلة واحدة"، نضع فيها كل مشكلاتنا وأزماتنا للتحليل والمناقشة جديا، وصولا إلى حلول ناجزة ناجعة وبأسرع وقت ممكن.
بصراحة لا رياء ولا مداهنة فيها، لم نعد نملك ترف الإنتظار طويلا. شعبنا كله من أنبل شعوب الكوكب، المؤيدون والمعارضون، جميعهم وطنيون يسعون لإخراج البلد من أزماته المستفحلة لسوء الحظ، وليس بينهم متنكر للثوابت، وإن وجد، فالجميع رافضون له ولمنطلقاته مهما كانت.
واقعنا يتطلب قرارا وطنيا بإعلان تشكيل ثلاثة هيئات إصلاحية مؤقتة.. الأولى سياسية، الثانية إقتصادية، والثالثة إجتماعية، على أن تضم كل منها 50 إلى 60 شخصية وطنية موثوقة وذات حضور وطني إجتماعي، لتنجز كل منها وخلال شهر واحد، مشروعها للإصلاح الشامل وتضعه بين يدي جلالة الملك رأس الدولة، تمهيدا لإحالته إلى الأطر الدستورية بغية إقراره تشريعات وطنية بإمتياز تنال توافق السواد الأكبر من شعبنا الواحد .
ولأننا لا نملك ترف الوقت في إقليم مضطرب مسكون بالمطامع والمخططات وحتى المؤامرات الصهيونية , فإن ذهابنا إلى أسلوب التسويات العاجلة في معالجة قضايا الفساد , يغنينا عن الركون إلى المحاكمات الطويلة والمكلفة وذات الصدى الإعلامي الذي سيجعل سيرتنا على كل الألسنة , فالناس تريد عنبا, أي إسترداد أموال لا مقاتلة نواطير, قد لا تفضي إلى ما هو مأمول منها .
المهم الآن وفي هذه المرحلة بالذات , أن لا تضعف الدولة أمام الأزمات . دولتنا والحمد لله , قوية منذ ولدت وعاشت مائة عام قوية راسخة فيما تهشمت دول كثيرة غيرها.
دولتنا فقط بحاجة إلى تخطي اللحظة بقرارات إستثنائية ورجالات إستثنائيين في وطنيتهم ونزاهتهم وصلابة مواقفهم في الدفاع عن الدولة والوطن والعرش.
إذا ما تشابكت أيدينا جميعا مع الدولة والوطن ناصحين أمناء صادقين لا باحثين عن مناصب ومكاسب على حساب معاناة الشعب , وداعمين أقوياء للدولة وللعرش بالمشورة الخالصة لوجه الله ثم لأمن وصلابة وإستقرار الوطن والعرش ... فنحن قادرون بعون الله , على الخروج من أزماتنا أقوى وأصلب عودا . العالم من حولنا كله في أزمات , ونحن لسنا إستثناء . نعم أخطأنا وقصرنا ولدينا ما يكفينا وأكثر من أزمات .
الواجب يقتضي منا وجميعا أن لا نضعف أبدا , وقوتنا الحقيقية هي في الصفح عمن أخطأ وخالف من شعبنا أيا كان , لنبدأ معا رحلة جديدة وفق منطق, إحنا عيال اليوم لا الأمس . ونحن قدها وأكثر بعونه تبارك وتعالى . هو سبحانه من وراء قصدي.