ما يثيرني جدا هو حجم التكّشي في المجتمع الأردني من ضائقته الإقتصادية، والبكاء على فكرة الخبز وتجلياتها في الطبقات الإجتماعية الاردنية والتي لا يمكن لأي إقصادي محترف أن يدلنا عليها بكونها ذائبة في واقع استهلاكي ينفي كل التشكيات والبكائيات جراء الفقر.
كأن يقول أحدهم "لم نجد خبزا لنأكل" ويحمل في يده ثلاث موبايلات من أخر الأنواع، حيث يترس عربة التسوق بأصناف ضرورية وغير ضرورية كبعض أنواع الشكولاتة الفاخرة وقبل قليل يشتكي إليك أن لا خبز عند أولاده، أليست سوريالية بامتياز.
والأمر الآخر هو التورط بالعرط وكثرة العريطة الذين يعانون من الندم العقاري، حيث يرجمك بمجموعة من المعلومات غير الصحيحة طبعا ليقول لك " جدي باع ثلاث دونمات في خلدا برأس ماعز" ولم يأت هذا الكلام كمادة عابرة من مجتمع العريطة بل هو ظاهرة متأصلة يشوبها الزيف والكذب، فحين تنظر في المساء ستجد أمام كل منزل أردني سيارتين على الأقل، وهذا الأمر ينطبق على القرى الأردنية التي باتت تتشبه بالمدينة حتى فقدت عصبها الحقيقي لفكرة القرية التي كان أهلها يأكلون مما يزرعون من لحوم أرانب ودجاج وغيره، لقد تخلّت القرية عن صفاتها المعهودة والتي كانت تعفي الميزانية من حجوم هائلة من الإستهلاكية الفظة.
فكل مناطق الاستهلاك من متاجر والبسة ومطاعم مكتظة بالناس بل هناك هلع في تخزين انواع مختلفة من الخبز كأن تجد خبز " الشراك بجانب الخبز الفرنسي، لم أفهم من اشترى الشراك ما حاجته للفرنسي، هل سيلف الخبز الفرنسي برغيف من الشراك من باب التنويع العرطي.
أما الكارثة العظمى فهي تتمثل بأن جميع الاردنيين أبناء شيوخ ووجهاء، وهذا الشيوع يحتاج إلى متطلبات وأعباء هائلة على المدعين بذلك حيث يدعو إلى ولائم بالدين من صديق أو البنك، ليقال عنه كريما، يا الهي!
وكذلك نرى الشيخة المزيفة في الأعراس هذا الأمر هو جزء من عدم اعتراف الفرد الأردني بالطبقية على الأقل الاقتصادية منها، فهم ينظرون إلى الأغنياء بوصفهم لصوصا كتعميم غير مؤكد، وله الحق بما يملك الغني من المال، فيجاريه حتى يصل السجن من تراكم الديون، إرحمونا!
لم اعد أصدق ما يقوله الناس دون نفي للفقر في كثير من المناطق لكن ليس بالحجم الذي يتداوله الناس، لم أعد أصدق العريطة الذين يلبسون ساعات رولكس مزيفة، لم أعد أصدق أيضا بعض الفقراء الذين أعرفهم حيث يصدموك في أقرب مناسبة عندهم، حيث تعلو الزغاريت خلف رائحة طابور المناسف، كيف؟
الكل يريد وظيفة ولو بمبلغ قليل، كائنات وظيفية غير مجتهدة ليقال أنه في الوزارة الفلانية، لماذا وهو يمتلك أرضا لم تزل تعاني من بوارها، إرحمونا!
ما يحدث في الأردن قمة السوريالية الإستهلاكية، أنهم يأكلون من أجل غيرهم وكذلك يلبسون ويمتطون سيارة مرهونة للبنك عنادا بابن عمه.
كل ما يحدث سبب نائن للهاث الأردني نحو الخبز.