لقد تجلّت اللفتة الإنسانية الكريمة لجلالة الملك في هذا الشهر الفضيل بإرادة واثقة وعزيمة الملك الإنسان وانطلقت من الحرص والشعور بالأبوة والمسؤولية عن أبناء هذا الوطن، وجاءت تكريسا لنهج السلف في العفو والصفح والتسامح، وجاءت ردًا على مناشدة عدد من شخصيات هذا الوطن الذين التمسوا اللفتة الملكية من جلالة الملك بالتكرم عليهم بالعفو والمسامحة لأبنائهم الذين انقادوا وراء حادثة الفتنة التي تم وأدها، حيث جاء الرد سريعا من جلالته بأن أوعز للمعنيين وأصحاب الاختصاص إجراء ما يلزم من أجل عودة الموقوفين إلى بيوتهم وأسرهم بيسر وأمان.

نستذكر في شهر الرحمة والمغفرة مكارم ومبادرات قيادتنا الهاشمية التي عبرت عن مفهوم الأسرة الواحدة، وتجلى فيها تماسك أبناء هذا الوطن والتفافهم حول قيادتهم الهاشمية، وقد كانت هذه المكرمة الملكية السامية رسالة واضحة إلى كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن واستقرار هذا الوطن، بل إن أبناء هذا الوطن وهم على أعتاب المئوية الثانية سيبقون كما عهدهم جلالة الملك، وسيواصلون مسيرة البناء وتحقيق الإنجازات في جميع مؤسسات الدولة، كيف لا وهذا كله يسير ويقوى بحنكة وحكمة قيادة هذا البلد، وبراعة أجهزتنا الأمنية التي تسهر على أمن بلدنا، وسيسقط كل من راهن على وعي أبناء هذا البلد الذي سوف يتجاور كل التحديات ويبقى راسخا قويا وعصيا على من أراد بهذا البلد السوء والشر.

ونحن نعلم أن الأدن بلد التسامح والمحبة لم يكن يوما ممن اتخذ أسلوب القمع، أو سمح أن تراق فيه الدماء، بل إن هذا البلد شهد في مراحل مختلفة من مسيرته أشكالا عديدة من المعارضة، المعارضة البناءة التي تهدف أن تكون لصالح الوطن والمواطن والتي تنتقد نقدا بناءً من أجل الإصلاح ووضع اليد على مواطن الخلل إن وُجِد وبطرق حضارية سلمية تُعبّر عن وعي وحضارة أبناء هذا البلد، وفي بلد الهواشم نقول هذا ديدن الهاشميين على مر العصور التسامح ومقابلة الإساءة بالحسنة، وقد شهدنا فيما سبق من مكارم الهاشميين في العفو عن معارضين رغم اساءتهم، وهذا كان امتثالا لقوله تعالى "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس".

ونحن وفي هذا المقام إذ نستذكر قيم الهاشميين في هذه المعاني النبيلة ونستذكر حرص قيادتنا على تماسك الأسرة الواحدة، إلا أن البعض وهم من القلة القليلة التي تصر دائما وفي محافل مأجورة على إثارة الشكوك واستغلال الأحداث التي تهدف للنيل من وحدة بلدنا وذلك في محاولة لتنفيذ أجندات خاصة بهم معروفة للكل، ولكننا نقول لهم وبصوت عالٍ ورغما عن أنوفهم إن هذا البلد سيبقى شامخا شموخ الجبال بقيادته وشعبه، وإن كل المحاولات التي تستهدف شرخ الثقة بين أبناء هذا الوطن لن تُجدي نفعا بل سيبقى هذا الوطن صلب البنيان متين الكيان.

لقد أراد جلالة الملك أن يطلق رسالة جلية واضحة بلفتته الكريمة بأن على الجميع التوجّه للإصلاح والتعاون بعيدا عن الأحقاد والكراهية، وأن الأوضاع الحساسة التي تمر بها المنطقة، والظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا الحبيب في مواجهة جائحة كورونا لا تقبل مزيدًا من صراع المكاسب والمغانم على حساب مصلحة الوطن العليا.

نختم بالقول إن مكرمة القائد التي قرت بها أعين أمهات وبنات هذا الوطن بعودة الأبناء إلى كنفهم وأسرهم وبين عائلاتهم في هذه الأيام المباركة من هذا الشهر الفضيل إنما جاء تجسيدا لحب القائد لأبناء وطنه، وتدللت معانيها في الحلم والعفو عند المقدرة الذي امتاز به بلدنا بلد الهواشم على مرّ التاريخ نحو بناء المجتمع الصالح القائم على المحبة والتعاضد والتماسك.

نسأل الله تعالى أن يُبقي هذا الوطن واحة أمن وأمان، وأن يحفظ الله مليكنا وقائدنا وأن يُسدّد على طريق الخير خطاه، وسوف نبقى على العهد يا جلالة الملك وسنبقى نقول بملء أفواهنا إننا نفاخر بكم، وإن وطننا الأردن سيبقى نموذجا ومثالا يُحتذى بحكمة قائده وتلاحم الأسرة الواحدة.