لا أستطيع أن أجزم أن دولة الاحتلال تعيش حالة قلق جراء خمسة ملفات ساخنة تمر بها في الفترة الحالية، وكان آخرها تطورات الأحداث في الأقصى وقطاع غزة، لكن على أرض الواقع فإن الوضع الداخلي لهذه الدولة ليس انسيابيا على الإطلاق على الصعيدين السياسي والأمني الداخلي.
الملف الأكثر أهمية اليوم هو ما يحدث في القدس المحتلة، حيث تصاعد التوتر بعد مواجهات بين الفلسطنيين وقوات الاحتلال، فيما شهدت الضفة الغربية تظاهرات، وهي المواجهات الأكثر حدة منذ سنوات بالقدس.
هذا يأتي فيما الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة تشهد أيضا حالة من التوتر، بعد أن أطلق 36 صاروخا من القطاع على إسرائيل وفق ما أعلن جيش الاحتلال، في حين اعترضت منظومة القبة الحديدية ستة صواريخ، بينما سقطت أخرى في مواقع خالية من السكان. إسرائيل ردت على الصواريخ بقصف مواقع في غزة، قبل أن تنفذ غارات جوية بطائرات مروحية وأخرى قتالية.
الأمر لم ينته بعد، كون هذه التطورات الميدانية تأتي بعد أيام فقط من انفجار صاروخ سوري مضاد للطائرات جنوبي إسرائيل، على مسافة 30 كيلو مترا من موقع ديمونا النووي. ما يزعج الإسرائيليين اليوم هو رغبتهم في معرفة سبب فشل اعتراض هذا الصاروخ، الذي وصفته دولة الاحتلال بـ”الصاروخ الطائش”.
صحيفة “إسرائيل هيوم” دعت الحكومة الإسرائيلية إلى أن تشعر بالقلق الفعلي إزاء هذا التطور الأمني، الذي سبقه هجوم إسرائيلي على منشأة نطنز النووية الإيرانية. الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن إصابة المنشأة بأضرار كبيرة بعد تعرضها لهجوم إلكتروني، نفذه الموساد، في حين اعتبرته طهران هجوما إرهابيا، وقالت إنها تحتفظ بحق الرد.
هذا الهجوم على ما يبدو زاد من التوتر الحاصل بين بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن. الدور التخريبي الإسرائيلي بات واضحا والذي يهدف إلى تعطيل المحادثات الأميركية الإيرانية غير المباشرة للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015. “واشنطن بوست” كشفت أن هجمات الاحتلال على منشآت إيران لا تفيد واشنطن.
افتتاحية الصحيفة ذاتها قبل نحو 10 أيام سلط الضوء على اختلاف حاد بين المصالح الأميركية والمصالح الإسرائيلية.
المحادثات النووية الإيرانية الحالية لحظة حاسمةً للرئيس الأميركي، وقد أدت هذه المحادثات إلى مزيد من التوتر في العلاقة بين نتنياهو وبايدن التي توصف بأنها الأقل دفئاً بين رئيس أميركي وإسرائيل.
في الواقع لدى بايدن، وفق الإعلام العبري، سبب للابتعاد عن نتنياهو بعض الشيء الآن، إذ إن إسرائيل تتهاوى سياسيا، وهي على ما يبدو في طريقها نحو خامس انتخابات في غضون عامين، بينما يواجه نتنياهو نفسه المحاكمة بتهم فساد.
نتنياهو، أعلن أنه “لم يعد قادراً على تشكيل حكومة بسبب الخلافات الداخلية في صفوف اليمين، ويرى أن هناك تغليبا للمصالح الذاتية على المصلحة العامة”، فيما خصومه غارقون في خلافات داخلية تمنعهم من تشكيل حكومة بديلة.
وسط كل هذه الملفات غير واضحة النهاية، لا بد لدولة الاحتلال أن تشعر بعدم الاستقرار، والقلق، وألا تتكئ على المتشددين الذين يديرون دفة الحكم فيها، وعلى رأسهم المتطرف الأهوج بنيامين نتنياهو، وهو قد غرق في وحل الفساد، وينغمس في صراعاته الداخلية.
الغد