تحجيم إسرائيل: هل ينهي بايدن أحلامها التوسعية؟
داود عمر داود
22-04-2021 11:42 AM
أحلام التوسع الصهيونية تصدم بالمصالح الأمريكية:
أصبح واضحاً أن استعلاء إسرائيل ومحاولة تحقيق أحلامها في التوسع والهيمنة خارج إطار الدور الوظيفي المرسوم لها تاريخياً، قد وضعها في مواجهة مباشرة مع مصالح الدول الغربية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، الداعم الرئيسي لها. فبعد رئاسة ترامب انتهى شهر العسل الذي عاشته العلاقات الأمريكية الاسرائيلية، في ظل وجود الصهيوني المتطرف في البيت الأبيض جاريد كوشنر. فقد اتسمت الأيام الأولى من إدارة الرئيس بايدن بإعادة ضبط السياسة الخارجية والعودة إلى السياسة الأمريكية المعهودة في الشرق الأوسط، والتي لا تلتقي حتماً مع أحلام غير واقعية تعشعش في عقول الصهاينة.
إسرائيل لن تبقى بدون وجود دولة فلسطين:
حل الدولتين وإزالة المستوطنات وإنهاء الاحتلال، هو الأساس الذي تقوم عليه السياسة الأمريكية لوضع حد لما يسمى (النزاع العربي الإسرائيلي). لكن ساسة إسرائيل يعرقلون إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967. وهم يراوغون ويتهربون من تنفيذ هذا الاستحقاق على مدى عقود. ولكن بعد مرحلة النشوة والاستعلاء التي عاشوها نتيجة سياسة (الشيك المفتوح) والدعم غير المحدود وغير الشروط التي انتهجتها إدارة ترامب بنكهة دينية، جاءت الإدارة الأمريكية الجديدة، بحزبها الديمقراطي اليساري، ربما لتكون الأكثر حزماً مع إسرائيل، منذ قيامها سنة 1948. أحد الدلائل كان المؤتمر السنوي لمنظمة (جي ستريت) اليهودية الليبرالية الذي عُقد منذ أيام، بحضور عدد من كبار الساسة في واشنطن، والذي ركز على فكرة ربط المساعدات الأمريكية لإسرائيل بأنماط سلوكها مع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، مع التأكيد على حل الدولتين. وخلاله طالب أعضاء بارزون في مجلس الشيوخ بتقليص المساعدات العسكرية لإسرائيل وتقييدها، وممارسة ضغوط حقيقية، ربما تصل إلى حد رفع الغطاء الأمريكي عنها، مما يضعها في مأزق كبير.
الخلافات الجوهرية:
وبالإضافة إلى رفض إسرائيل للمشروع الأمريكي لتسوية القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، فإن مشكلة علاقة إسرائيل بالصين ومحاولة تأجيرها ميناء حيفا، ثم السعي لتخريب الاتفاق النووي مع إيران عن طريق الثرثرة حول عمليات عدائية وهمية ضد ايران، كل ذلك استدعى احتجاج واشنطن. أضف إلى ذلك الخلاف بين الجانبين حول ملء الفراغ الذي سينجم عن تخفيض واشنطن تواجدها العسكري في الشرق الأوسط. فتركيا هي المرشحة لملء هذا الفراغ.
ترامب غذى الأوهام الصهيونية:
لقد ساعدت سياسة ترامب واتفاقيات التطبيع في إيهام إسرائيل أنها ستتمكن من تعزيز مكانتها العسكرية، والمنافسة على ملء الفراغ في الشرق الأوسط دون حاجتها للدعم الأمريكي. وهذه الأوهام هي ما ورطتها مع إدارة بايدن في أيامها الأولى. ومن هنا يمكن فهم الاتفاقية الدفاعية، التي وقعتها واشنطن مع عمّان، على أنها مسعى أمريكي لإبراز الأردن بديلاً لإسرائيل، التي كانت تُعتبر (أكبر حاملة طائرات أمريكية في العالم). وهذا ربما يفسر الغضب الإسرائيلي من الأردن، والحملة الشعواء ضده في الفترة الماضية، ودورها المحتمل في (الفتنة) الأخيرة أيضاً. ومن هنا جاءت زيارة لويد أُوستن وزير الدفاع الأمريكي إلى إسرائيل مؤخراً لممارسة الضغط عليها ولجم تصرفاتها وإسكاتها، عن طريق تقديم حفنة مساعدات عسكرية، لتظن معها أنها متفوقة إقليمياً، فيخفت صوتها، مما يؤدي إلى تخفيف الأضرار التي تلحقها بخطط لواشنطن المستقبلية في المنطقة.
خلاصة القول: جنون العظمة:
لا يمكن وصف الحالة الذهنية التي تسيطر على ساسة إسرائيل بغير جنون العظمة والإستعلاء والتكبر، بينما هي لا تملك المقومات الذاتية لهذه المشاعر الكذابة. فهي تعاني من وهم الاعتقاد وتبالغ بوصف نفسها بما يخالف الواقع، فتدّعي امتلاك طاقات غير عادية ليس لها وجود حقيقي. فهي كيان صغير جغرافياً وسكانياً، لا يمتلك أية موارد ذاتية، ويعتمد على الخارج تماماً، ورغم ذلك يحلم بالتوسع والهيمنة في المنطقة. وهذه الأوهام ليست في صالح وجودها على المدى البعيد، حتى أن الجالية اليهودية في أمريكا أخذت تستشعر خطورة أن تمرد إسرائيل يهدد وجودها ككيان، لذلك فإنها تشجع مساعي واشنطن لتحجيمها، وضبط تصرفاتها الانتحارية، وإلا فإنها ستواجه مصيرها المحتوم في التفكك والاختفاء. فهل نشهد في الأيام المقبلة بدء أُفول نجم إسرائيل؟