وعاء تشريعي لأوراق الملك ..
د. نضال القطامين
22-04-2021 04:03 AM
نبت زرع هذا الوطن في منتصف المسافات بين الأرزاء والنازلات. ظلت سنابل قمحه صعبة على العاتية، تهادن دفة مركبه الموج، وتخرج دائما إلى سهل الأمان الفسيح.
استثنى الخيبات في احتمالات الهزات الكبيرة . لقد تدرّع برداء غليظ تتكسّر النبال فيه على النبالِ. هو وطن يمتزج فيه الإباء بالموقف، والنخوة بالمروءة، والعمل بالحياة في كل تفاصيلها.
له جيش هو مؤسسة التنمية المتقدمة ومؤسسة الدفاع وقاعدة الأمن. وله أهل، لا يثنيهم عن الحب دروب العوز ولا مرارة اللقمة، طيبون وعروبيون جدا، حيث تتعكر المساءات من جراح الأخوة وتتكدر الصباحات من قروح بغداد ودمشق وصنعاء.
وطن موحد قيادة وشعبا. أحكم أهله رباط المودة وأثبت شهداؤه أقدامهم في مُستَنقَعِ المَوتِ، فارتفع البناء على أجسادهم خيمة بلا وتد، قطعوا كي يشدّوها أصابعهم، ولم يمدوا بها يوما إلى أحد.
وطن موحّد. رغم كل العاديات، تاريخه صبر كبير، على قسوة الأخ والصديق وعلى الضنك، على رؤيته للعرب وقد ألهتهم الجراحات والأنانية وحب الذات، لكن أهله جنود الخنادق وحملة الرايات، رافعو رايات المروءة والمجد رغم كل الجراح.
وطن موحد يليق به قراع الخطوب وصنع الانتصارات، على هوى النفس وهوى مطامع ممن فغرت أفواههم جشعا وشرها. يرون ملء العين والسمع كيف تتنصل الدول القوية وتتناسى وهن العالم الثالث، وضعفه وهشاشته وتدير له ظهرها بعد أن أوغلت فيه استعمارا وشرذمة وفرقة.
وطن موحد سيعبر مخاضات الجهل والوباء والفقر. وسيكون في شرقي النهر الخالد رؤية كاملة لإصلاحات سياسية شاملة، روافعها التعددية الحزبية وقوانين للإنتخاب والأحزاب تؤسس لهذا التقدم، وليس ذاك الامر بصعب ولا ببعيد، إذ ينبغي لقطاره الانطلاق فورا وقد عرف طريقه وحددها الدستور القويم.
ليس في أفق الإصلاح السياسي سوى هذا الحل، وقد عرضه جلالة الملك قبل سنين، إنها وصفة ناجعة لمكافحة آفات السياسة والإقتصاد، تلك التي رسخت الفساد والمحسوبية والواسطة ووضعت رجالا في غير مواضعهم، وهي في النهاية والبداية، مظلتنا الدستورية الديمقراطية.
وطن موحد، يستحق حياة سياسية واقتصادية متوازنة، حكومة ذات امتداد نيابي وافية النفوذ الدستوري، ومعارضة تنهض بتقويم أداءها وتهذيبه، حتى لا يُشار ببنان التقصير لواحد من أعضائها أو لها.
أما السبيل لذلك، فأبلج وضّاح، وقد سوّت أوراق الملك النقاشية دربه، ويبقى أن تباشر الحكومة بوضعها في وعاء تشريعي يضمن تحقيق أهدافها.
وطن موحد، مثلما استقام تاسيسه على ثوابت العروبة والدين، سيستقيم مستقبله على قواعد العدل والمساواة.