يشهد الأردن منذ سنوات عديدة، محاولات كبيرة و جهوداً حثيثة في إتجاه "الإصلاح الإداري" للمؤسسات والهيئات الحكومية، وقد تحققت نتيجة ذلك نجاحات نسبية، من حيث تعديل تشريعات وأنظمة تلك المؤسسات، وعلى صعيد مهامها وعلاقتها بالمجتمع المحلي.
لكن البعد الغائب في إدارة وتنفيذ خطط الإصلاح داخل المؤسسات الرسمية هو كيفية المفاضلة بين موظفي المؤسسة في توزيع المهام التخصصية في الجوانب الإدارية و التنفيذية وغيرها من جهة، وكيفية التصرف بالموارد المالية من جهة أخرى، ما يعني أن الإفادة من الإصلاحات الشكلية، عملياً، يلزمها كثير من النزاهة والعدالة كي تستعمل لخدمة مؤسساتها أولاً وأخيراً.
الإصلاح الإداري اليوم يأتي ضمن نطاق رؤية الملك عبدالله الثاني بن الحسين المتقدمة للعبور الواثق الى المئوية الثانية للدولة الأردنية نحو المستقبل كفاعل حيوي للنهوض بالمؤسسات ضمن مفهوم دولة القانون والمؤسسات والحكم الرشيد وتعزيز المواطنة، واحترام القانون وتنفيذ الواجب الوطني بشفافية و عدالة ومصداقية.
لكن معظم الإدارات في المؤسسات الرسمية اليوم لا تقوم على ثقافة القانون وإحترام قيم الدولة في سلوكها، ولا على المؤسسية في عملها، من الناحية الجوهرية، حتى وإن بدت كذلك شكلاً، من خلال الطنطنات الدعائية والإعلامية التي لها أول وليس لها آخر، إلا أن واقعها قائم على العصبية و العلاقات و الزبونية والمحسوبية وتحارب كل من يتبنى الرؤى الملكية و قيم الدولة من موظفيها.
أخيراً لا يمكن أن يتحقق الإصلاح الإداري الحقيقي، من دون تحقيق الإصلاح الثقافي ففي ظل ثقافة اللاقانون واللامؤسسية الذي ينتهجها بعض إدارات المؤسسات، وترسيخ البُنية الإدارية المشوهة فيها، يبقى الإصلاح الإداري سطحي بعيد كل البعد عن التطبيق على أرض الواقع و لا يرفع كفاءة وفعالية المؤسسات للسير قدما نحو التطور و التنمية المرجوة.