شبكة وطنية للسكك الحديدية
د. فهد الفانك
13-05-2010 06:22 AM
النقل بالسكك الحديدية أقل كلفة من أية وسيلة أخرى للنقل البري بعد النقل بالأنابيب. والاقتصاد الأردني يستفيد من وجود شبكة من السكك الحديدية الإقليمية التي تربط سوريا بالسعودية من خلال الأردن.
لكن هذه الحقائق لا تعني عدم التردد أمام المشروع الكبير، الذي يكلف مئات الملايين من الدنانير، قبل أن تثبت جدواه السياسية والاقتصادية والأمنية.
في المجال السياسي تقوم السكك الحديدية بربط الإقليم وتكامل بلدانه، لكن دول الإقليم تخشـى هذا التكامل ولا ترحب به، فالحدود قاسية، والجمارك عالية، والركاب بحاجة إلى تأشيرات مسبقة، والمزاج السياسي متقلب أداته التجميد والمقاطعة شأن المشاريع العربية المشتركة. وهنا نستذكر إغلاق الأجواء في وجه الطيران الأردني في السبعينات، وقطع أنبوب النفط العراقي إلى البحر المتوسط مما اضطر العراق لمد خطوط أنابيب طويلة عبر تركيا لتجنب أراضي الدولة الشقيقة.
وفي المجال الاقتصادي تعترف الدراسات الأولية بأن المشروع يحتاج لدعم الحكومة لسنوات عديدة، وأن جدواه تعتمد كثيراً على وصول الشبكة إلى العراق، لكن حكومة العراق أبلغتنا رسمياً بأنها غير معنية بالتواصل مع الدول العربية وتعمل حالياً لربط العراق بسكك حديدية مع إيران.
ومن الناحية الأمنية فإن حماية الخط ستشكل كابوساً، فهو هدف سهل للإرهاب، وتحتاج حراسة 500 كيلو متر إلى جيش كامل يعمل على مدار الساعة ليلاً ًونهاراً.
أما من الناحية المالية فالمشروع يكلف غالياً في الاستملاكات والبنية التحتية ودعم التشغيل، ولن يقدم عليه القطاع الخاص إلا إذا ضمنت الحكومة له حجم إيرادات معيناً يؤمن عائداً مجزياً لرأس المال مما لا تسمح به الموازنة المثقلة بالديون.
السكك الحديدية في أوروبا التي يراد تقليدها موروثة من الماضي، ونجاحها يعود إلى الانفتاح الكامل بين دولها، فلا حدود ولا قيود على الحركة، أما في حالتنا فالنجاح مرهون بتعاون دول المنطقة، مهمة نعرف سلفاً أنها قريبة من الاستحالة.
مركز الأردن الفريد بين سوريا والعراق والسعودية وفلسطين ومصر يجعله في قلب أي مشروع نقل إقليمي، ويكفي الحكومة الأردنية أن (تسمح) بمرور الشبكة من الأراضي الأردنية ومنحها إعفاءات من الجمارك وضريبة الدخل.
وطالما أن المشروع مجدٍ فلماذا لا تتبناه الصناديق العربية والأجنبية. بدلاً من أن يستثمر فيه الأردن مئات الملايين من المال غير المتوفر.
الراي