انقلاب غزّة وإخوان الأردن
جميل النمري
17-06-2007 03:00 AM
الحركة الإسلامية وراء الخط الأخضر – أي مناطق الـ 48 - أعلنت موقفا حاسما يدين بلغة غاضبة وشديدة القسوة طرفي الصراع معا أي فتح وحماس. ووصف الشيخ نمر درويش مؤسس الحركة الإسلامية داخل إسرائيل البندقية والرصاصة التي تطلق من فلسطيني لقتل فلسطيني بأنها بندقية نجسة ورصاصة نجسة، وقال: لقد فقد السلاح طهره ونقاءه وبوصلته، حربكم هذه حرب قذرة، وإذا قطعت يد أخيك فالعدو سيقطع غدا اليد الثانية.ماذا عن إخوان الأردن؟! ليس من المتوقع صدور موقف مماثل هنا، فالحركة الاسلامية في الـ48 ولدت بصورة مستقلّة وليست امتدادا للإخوان. وحتى الآن لم نقرأ تعليقا ولا كلمة عن جبهة العمل والإخوان، فهناك صمت إعلامي مطبق لعله يعكس الحرج الشديد الذي يقعد الإخوان عن بلورة موقف، فهم لا يستطيعون تأييد حماس في اشتراكها بهذا الصدام الدموي المخزي، فقد ظهرت حماس مثل غيرها على نفس السوّية المتدنيّة في هذه "الحرب القذرة" - كما وصفها درويش- على فتات السلطة تحت الاحتلال.
إن اصدار موقف جريء يدين سلوك فتح وحماس في آن معا ويأخذ مسافة واضحة عن الطرفين ليس مرجحا. والمرجح في كل الأحوال أن انعكاسات سلبية قويّة ستطال إخوان الأردن بسبب الصراع المنبوذ والمدان الذي كانت حماس طرفا فيه. وسوف تتأثر مصداقية الخطاب "الجهادي الإخواني" مع انشغال حماس بإدارة سلطتها الشائكة والدامية في غزّة وكذلك الشعارات المناهضة للسياسة الرسمية الأردنية فيما يتصل بالشأن الإسرائيلي والفلسطيني. وسوف يكون الوضع أكثر سوءا اذا ما ظهرت إمارات "طالبانية" في الشؤون الإجتماعية.
على صعيد آخر سيجد الإخوان أنفسهم في مأزق أكثر تعقيدا قياسا بما كان عليه الأمر في السابق بالنسبة للعلاقات الأردنية- الفلسطينية، فقد حافظ الإخوان على موقف ضد فك الارتباط وقدموا تجربتهم كقاعدة للعلاقات الوحدوية بينما تصبح هذه العلاقة الان عبئا. وتتضاعف مخاوف الأردن الأمنية من مخاطر النزوح مع تدهور فرص الحلّ السياسي والدولة الفلسطينية، ولن يكون سهلا على الاسلاميين تبنّي التسهيلات في التنقل والحياة بين الداخل والاردن كما تعوّد نوابهم ان يفعلوا، وقد يستمر التعامل مع الضفة بالوتيرة نفسها أو ببعض التشدد، لكن التشدد مع غزّة سيتضاعف عدّة مرّات مع تدهور الموقف وتفاقم معاناة الناس تحت سلطة حماس المحاصرة.
سننظر كيف يصيغ الأخوان موقفهم، فالمأزق موجود فعلا وقد يتطلب انعطافة استراتيجية واسعة، مع اننا لم نتعود من الجماعة ديناميكية فكرية وسياسية مثيرة في التعامل مع التحولات الكبيرة.
jamil.nimri@alghad.jo