تأجيل الانتخابات النيابية
ماهر ابو طير
17-06-2007 03:00 AM
الانتخابات النيابية في الاردن لن تجري هذا العام ، وفقا لتصور بعض السياسيين ، والسبب في ذلك ، ان ضربتين امريكية - اسرائيلية سيتم توجيههما ضد ايران ولبنان خلال الشهرين المقبلين ، وبتوقيت واحد.
لن تجري الانتخابات النيابية ، ليس لأن الاردن لا يريد ذلك ، بل لوجود مخاوف غير معلنة من حرب اقليمية شاملة ، تبدأها واشنطن ضد ايران ، وتل ابيب ضد لبنان ، على اساس انها ستستمر لعدة ايام وبشكل مباغت ، في حين يستعد الايرانيون وحلفاؤهم في المنطقة لتحويلها لحرب اقليمية شاملة تشمل كل دول المنطقة ، مما يجعل الساحة الاردنية غير جاهزة للانتخابات النيابية.
لو حسمت الجهات الرسمية لدينا موعد الانتخابات لتم الاعلان عن ذلك صراحة او الماحا ، والحديث هو فقط عن الانتخابات في "موعدها الدستوري" وهي القاعدة التي لها استثناء واحد ، حدوث حالة طوارئ ، مما يجعل تأجيلها امرا واجبا ، والقريب من اهل القرار يشعر بشكل واضح ، ان الامور غير محسومة ، وان هناك شيئا ما ، ما زال معلقا في حسم موضوع الانتخابات النيابية.
سياسي اردني قال لجلالة الملك قبل اسبوعين انه ينصح باجراء الانتخابات النيابية قبل شهر رمضان ، حتى لا يتم استثمار الاجواء الروحانية في شهر رمضان وحاجة الفقراء ، من جانب المرشحين أكانوا افرادا ام جماعات ، وتسخير هذه الاجواء لما بعد رمضان ، غير ان جلالة الملك رد على السياسي بايماءة ، لم تبرد قلب السياسي ولم تجعله يأخذ جوابا حاسما ، مما جعل محاولة التسلل الى ملعب القرار ، لا تنجح باكتشاف سر الانتخابات وموعدها.
عزل وزير الدفاع الاسرائيلي والاتيان بايهود باراك مكانه ، وبدء مناورات امريكية - اسرائيلية ، وتدفق حاملات الطائرات الامريكية الى الخليج العربي ، وتكديس الاسلحة في المخازن ، وقرب موعد الانتخابات الامريكية ، وهمسات "الرب" لبوش بشأن "الحرب المقدسة" واشتعال ساحات العراق ولبنان وامارة "غزةستان" الاسلامية ، والجولات السرية والعلنية لمسؤولين عسكريين امريكيين ، وابلاغ عواصم عربية بالاستعداد لحرب قريبة ، واستمرار تدفق الاسلحة من سوريا الى لبنان ، وتدفق السلاح من ايران الى العراق ، واستعداد شيعة العراق للانقضاض على الامريكيين ساعة يطلب الولي الفقيه ذلك ، كلها مؤشرات على حرب مقبلة ، تبدأها واشنطن وتل ابيب بغتة ، وتقرر ايران تحويلها الى حرب اقليمية شاملة عبر قصف دول الخليج ، كما في تصريحات شمخاني قبل يومين ، وقصف اسرائيل عبر لبنان وغزة ، وتحريك الشيعة في الدول العربية ، لنجد ان برميل النفط الساخن والملتهب سيتم سكبه على كل المنطقة ، فطهران تعلمت من درس عراق صدام حسين ، ولن تذهب الى المذبح وحيدة ، فيما أي حديث عن صفقة ايرانية - امريكية هو امر مستحيل ، فكلاهما يريد النوم وحيدا في الفراش العراقي ، والعراق غير قابل للقسمة على اثنين في هذه الحالة.
اردنيا سنجد انفسنا امام حالة طوارئ ، الوضع الامني الداخلي ، سعر المشتقات النفطية ، التزويد بالنفط وكيفية وصوله الى الاردن ، تراشق الصواريخ في المنطقة وما يمكن ان يصل الينا او يؤثر علينا ، والخوف من استهداف الساحة الاردنية ، بشكل او باخر ، او حتى استغلال اسرائيل لهذه الفوضى لتمرير مخطط اخلاء الضفة وترحيل الفلسطيينين الى الاردن ، وغير ذلك من سيناريوهات يجعل الانتخابات النيابية ترفا لا يحتاجه الاردن في هكذا توقيت ، وبالنسبة لي شخصيا ، فان الاعلان عن موعد الانتخابات النيابية يعني ان لا حربا اقليمية في المنطقة ، وتواصل الغموض بشأن هذا الملف يعني مخاوف اردنية "مشروعة" من حرب لا تبقي ولا تذر في عام 2007 ، الذي سيكون عاما فاصلا على ما يبدو في تاريخ العالم والمنطقة.
بصراحة.. قد نجد انفسنا امام "حالة طوارئ" ، والامريكيون والاسرائيليون يمتلكون توقيت الضربتين بمعرفة عواصم محددة ، لكن كليهما لا يمتلكان تصورا كاملا عن خط سير الحرب ، واعدد ايامها وسقف تأثيراتها ، وعلينا جميع انتظار صيف دموي.