بين الكلام المفيد و"الهذرمة" !
عامر طهبوب
08-04-2021 09:10 PM
ما كنت أتمنى على العين ووزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق الدكتور محمد المومني الذي أعرفه شخصياً، وأحترمه، وأقدر دماثته في الحديث، أن يوافق على استضافته في قناة "الحرة" مقابل أحد أفراد "البث الخارجي" الذين يفتقدون إلى أدنى درجات المصداقية، بل الكياسة والتأدب في الحوار، ومنحهم شرعية وضعهم في موقع "المعارض".
ربما يكون الدكتور المومني قد اجتهد وأخطأ، هذا من وجهة نظري، وربما لم يكن يعلم من سيكون الضيف الآخر في البرنامج، وإذا كان الأمر كذلك، فقد كان عليه أن ينسحب من الدقيقة الأولى، ولا أقول ذلك لأنني لا أومن بالرأي الآخر، فتلك مسألة أخرى، ولكن لأن ما يخرج عن تلك الغرف، في محتواه وأهدافه، هو دعوة للهدم والفرقة والخراب، وزعزعة ثقة المواطن بقيادة بلاده، وأمنه، ومستقبله، ويقود ذلك الضيف حملة تشويه مبرمجة، وتحريض غير مبرر للشعب على الدولة، ورسم صور سوداء لحاضر البلاد ومستقبل أبنائها.
ولا مصداقية قط، لكائن يدافع في الحلقة عن سمو الأمير حمزة، ويرى أن ما حدث ما هو إلا محاولة "لضرب شعبية الأمير الذي يخاطب الشعب الأردني -كما قال - بلغة عربية، ولهجة أردنية جميلة وواضحة"، هو نفسه من قال بغرفة بثه في نيويورك في اليوم الأول للأزمة أنه لا يعرف الأمير حمزة، وقال بالنص الحرفي: "في ناس بيقولوا حمزة نظيف، أنا ما بآمن"، وأعتذر على ذكر هذا القول، وأخجل أن أضيف عليه مما قيل في خطاب يبتعد كل البعد عن الموضوعية والأمانة والأخلاق.
وفي الوقت الذي تحلى فيه الدكتور المومني بالموضوعية، قال الطرف الآخر إن كذا وكذا، يُكذِّب ما يقوله الضيف، بمعنى أنه اتهم على الهواء الدكتور المومني بالكذب.
كيف يمكن أن بستقيم الكلام بين مؤمن بالنظام السياسي، ومن يصفه بأقبح الأوصاف، وكيف يلتقي من يؤمن ويرتضي طوعاً بالعائلة الهاشمية مظلة وقيادة، مع من أخجل ترديد مفرداته.
إنني أتمنى أن لا تمنح الشخصيات السياسية الأردنية، الحالية والسابقة، والنخب المثقفة التي تسعى إلى مواصلة البناء، أولئك الذي يسعون إلى الخراب تحت مسميات الديمقراطية والعدالة والحرية ودولة القانون والمواطنة وغيرها من مفردات مستهلكة، ومن قاموس حق يراد به باطل، مشروعية القبول عن طريق إجراء حوار معهم أو أن يكون أي منهم على الطرف الآخر من أي برنامج إخباري، ويجب أن ينسحب ذلك على قنوات التواصل، وهم على هذه الدرجة من الحقد، والتطرف، والتناقض، وفقدان المصداقية، وإغلاق الأبواب عليهم، وعزلهم ومنعهم من أن يكونوا جزءاً من جسد الأمة، حتى وإن كنا لا ننكر عليهم أردنيتهم، ولكنهم يستقوون على وطنهم بجوازات سفر أميركية وأوروبية.
كفى سوداوية، وكفى جلداً لجسد الدولة "على الفاضي والمليان"، وآن الأوان ليخاف الجميع من الله في هذا الوطن الذي عانى من الضغوط على مدى مائة عام من القريب والبعيد، ومن الصديق والشقيق، ومن العدو والحبيب، وآن الأوان للبحث في أفضل السبل لملء النصف الفارغ من الكأس، وآن الأوان لكلمة خير، بدلاً من "الهذرمة" في القول، ووضع مصلحة الدولة العليا والشعب فوق كل اعتبار، ولن يتحقق أي منجز في جسد الدولة إلا في بيئة آمنه مستقره، فالاستقرار هو أساس الاستمرار، والأمن ليس ترفاً.
من يحب هذا البلد، يتوجب عليه الاعتدال في الرأي، والتحلي بالموضوعية، وأن لا ينجرف وراء غضب أو عاطفة عمياء أو عصبية، أن يكون أميناً، أن يستخدم لغة العقل، وأن يحفِّز ويشجع وينقد ويمارس حقه الذي يكفله القانون، على أن يضع الله في عينيه، وأن لا يسمح لأحد العبث بمنجزات كبيرة نفاخر بها، ونسعى إلى إصلاحها، وتأبى العصيّ إذا اجتمعن تكسُّراً .
وحفظ الله الاردن.