الاخوان .. سنن التغيير والاستبدال
حسين الرواشدة
11-05-2010 04:42 AM
ارجو ان يتفطن اخواننا في الحركة الاسلامية انهم - مثل غيرهم - يخضعون لسنن الكون ونواميسه ، وان يتذكروا بان ما يصيب الامم والمجتمعات من علل وامراض يصيب الجماعات والحركات ، فالقوانين الالهية لا تستثني احدا ، مسلما كان او غير مسلم ، وانما تجري على الجميع ، والناجحون في امتحانها هم القادرون على فهمها والتعامل معها والالتزام بما تقرره من معايير "للنجاة" والتمكين ، او بما توفره من ادوات للتبصر والعمل ، او بما ترسخه من قواعد للاعتبار والتغيير.
في ادبيات رموز الجماعة الاسلامية التي قرأناها ما يغنينا عن الشرح والتفصيل ، لكن اخشى ما اخشاه ان تكون ساعة "الابتلاء" قد دقت ، والقدر قد وقع ، والمرض تغلغل واستفحل ، حينئذ لا تجدي الدعوات ، ولا ينفع التماس البركات ، ولا تُدفع الاقدار الا بالاقدار.
بدأ الاخوان مع الامام البنا رحمه الله بفكرة ، حرصوا على حملها والعمل بها ، والتضحية من اجلها ، وداروا في فلكها عقودا من الزمان ، ثم تراجعت الفكرة للأسف وبعد ان "تقمصها" بعضهم او اختزلها في شخصه وتحول الدوران في فلك الفكرة الى دوران حول محيط الافراد ، بل والاشياء ايضا ، فأصبحنا امام دعوة جديدة لها دعاة تصوروا ان "طهارة" الدعوة من طهارتهم واستمرارها مقتصر على حضورهم ومستقبلها مرتبط ببقائهم في مراكزهم.
لم يدرك اخواننا في هذه اللحظة ان الدعوة هي التي حملتهم الى الناس ، وان للفكرة فضلا عليهم فيما انتهوا اليه من احترام وقبول وشهرة ، ولم ينتبهوا - للأسف - الى ان الذين احتشدوا معهم - منتسبين او متعاطفين - كانت تحركهم بواعث الدين ونماذج المتدينين الصالحين ، وقيم الاخلاص "للفكرة" والزهد في الجلوس على المقاعد وايثار اقتسام "المغارم" بدل الصراع على المغانم.
تغيرت الصورة اذن ، وخرجنا من الدعوة لندخل الى السياسة ، وهذا "كار" يحتاج الى منطق لم يعرفه الدعاة الذين تخرجوا في مدارس الوعظ والارشاد وتعليم التلاميذ ، لا في مدارس "السياسة" وميادينها المعروفة ، وبدأ الدين ، الذي هو دين الله لا دين طائفة او اشخاص فقط ، يوظف للتغطية على اجتهادات ، وربما اخطاء ، الذين نزلوا الى "ملاعب" السياسة ، ليخوضوا مباريات الوصول الى "مونديال" المواقع على اختلافها ، فاختلط اللاعبون مع الحكم ، ودبت الفوضى في اطراف الملعب ، وانصرف الجمهور - خائبا - من عبث الاداء ومن سوء النتيجة ايضا.
تسألني: هل خرج "الاسلاميون" من التصفيات النهائية؟ هل سقطوا في امتحان الديمقراطية؟ هل شملتهم كغيرهم من الحركات قوانين التراجع وامراض "آخر العمر" وعدوى التفكك والانقسام؟ وهل ستجري عليهم سنن التغيير والاستبدال؟
هذه الاسئلة بما تحتمله من اجابات ، ليست مجرد تنبؤات ، وانما حقائق يحكمها قانون عام ، الهي غير بشري ، وتؤكدها تجارب التاريخ ، ويعززها واقع اخشى ان تكون اشاراته لاحت من بعيد ، وهي لا تتعلق بالاخوان فقط ، وانما تجري عليهم كما جرت على غيرهم ، ولا تحابي احدا من البشر على حساب احد ، فهم كلهم عباد الله ، معيار التفاضل عنده تعالى هو "التقوى" ومعيار "العافية" في الدنيا هو الايمان والعمل الصالح.
ما اتمناه - صادقا - ان تجد هذه الدعوة لدى اخواننا من يستقبلها ويفهمها ويحسن التعامل معها ويدفعها بما يكافؤها من قوانين وسنن ، وبما يحتاجه التغيير من سلامة النوايا ، وصدق الايمان وصلاح العمل.
قال عز وجل: "وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم"... صدق الله العظيم..
الدستور