ما زالت المجتمعات تتنافس فيما بينها من اجل السيطرة على طرق الامداد والنقل، وتجتهد سياسيا وتقنيا من اجل الدخول في مشاريع خطوط الامداد بهدف بسط نفوذها السياسي من خلال الحركة التجارية، فكلما سنحت فرص لهذه الدول بالتعاون والتنسيق اخذت مجموعات دول المصالح المشتركة فى التشبيك وسرعان ما تبدأ باستخدام مجسات سياسية او اخرى تقوم على صناعة حوادث او الاستفادة من احداث لتعزيز مكانة ودور البدائل المطروحة لتنفيذ مشاريعها حتى تحدث قناعة عامة لجدوى فرضيتها واهمية مشاريعها، واذا كانت المشاريع الاستراتيجية للنقل تقوم على تعاون بدائلي يسعى لاعادة تمركز الخطوط الاستراتيجية للنقل فإن العمل على الوقوف عند مشاريعها قد يقود الى تعليل ضمني لبعض الاحداث التى تتعرض اليها المنطقة او الاحداث التى تبرز هنا او تظهر هنالك دون تعليل موضوعي يمكن البناء عليه، وهذا ما يقودنا لتسليط الضوء على الخطوط العامة للنقل والبدائل الاستراتيجية التى يعتزم الشروع بها ويعمد على تخطيطها ومن بين هذه الخطوط خط بحر الشمال الروسي الذى يربط اسيا باوروبا المؤيد صينيا والذي يعتبر الاقصر بين الخطوط الاستراتيجية للربط الناقل، لكنه مازال غير فاعل بشكل واسع وبحاجة الى بنية تحتية كثيرة، لكن في حال تم انشاؤها ستجعل هذا الخط منافسا سنة 2050.
اما الاخر فهو الخط الايراني الهندي الذى تقوم فكرة استخدامه على القطارات والخط البحري معا، وهو الخط المرتكز بين الهند وايران مرورا بروسيا واوروبا وان كان هذا المشروع يعتبر ورقيا ناجحا، لكن على ارض الواقع يعتبر من المشاريع الواعدة التي بحاجة الى اتفاقيات سياسية عديدة وبنية تحية كثيرة، لكنه يرتبط الى حد كبير باعادة ترتيب البدائل الاستراتيجية للنقل.
اما البديل الثالث الذي يتم العمل له من اجله هو الخط الاسرائيلي بين المتوسط والاحمر، وهو الطريق الذي تعمل اسرائيل على القيام به من خلال الحفر باستخدام الطريقة النووية وهو مشروع لم يشرع القيام به بسبب طبيعة العلاقات الاسرائيلية العربية في السابق التي تعتبر عمقا طاردا لهذا المشروع، بينما غدت جاذبة بل ويمكن ان تكون مساهمة فى ظل العلاقات الطبيعية بين اسرائيل وبعض الدول العربية؛ الامر الذي قد يعيد هذا الخط للواجهة بعد المتغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة، هذا اضافة الى خط عسقلان ايلات الذي تم تأسيسه في ستينيات القرن الماضي من خلال شراكة ايرانية اسرائيلية حيث يتم الحديث عن استبدال ايران بدولة اخرى لا سيما بعد ما تم بناء علاقات طبيعية بين اسرائيل وبعض الدول حيث يبدوا ان هذا المشروع البديل بدأ بالتحرك والتنشيط.
وهذا سيشكل منافسة حقيقية لقناة السويس التي ما زالت تعتبر الناقل الرسمي والاستراتيجي للتجارة الدولية، لكن لم تقم مصر بالعمل وبشكل مباشر على تطوير مشاريع خطوط النقل وبناء مشاريع تقوم على تمكين قناة السويس فالقناة معرضة الى منافسة حقيقية جراء الحديث عن بدائل بعد حادثة السفينة التي اغلقت القناة فالحل يتأتى من خلال شروع مصر بالبدء بتطوير محور قناة السويس بشراكة اردنية عراقية وبما يشكل مرتكز اسهامي وتطويري لتكون قادرة على تحديث مرتكز قناة السويس بعمق استراتيجي واعد.
(الدستور)