هذا "الملف" يجب أن يطوى بسرعة
شحاده أبو بقر
05-04-2021 05:25 PM
من لا يرى بالبصيرة، لا يرى بالبصر أصلا، ومن لا يقرأ ظل السطور ومابين السطور لا يقرأ السطور أصلا، ومن لا يربط الكلمات بحركة أجساد قائليها، لا يملك أصلا أهلية التحليل وربط الأحداث والمواقف بعضها ببعض كي يستخلص نتائج تجسد نوايا الآخرين أو نياتهم.
هذه ليست "فلسفة". إنها وفي كل زمان وكل مكان، أبجديات يفترض أن يتحلى بها كل صاحب سلطة ومسؤولية أيا كان نوعها، لا بل وحتى كل إنسان على قدر من النباهة وفهم الحياة وما تخبيء صدور الرجال.
وبعد:
ما فهمته كمواطن متابع من مجمل التصريحات الرسمية وحديث وزير الخارجية عما جرى في بلدنا مطلع الأسبوع، هو أن هناك "جهة خارجية" إستغلت ظروفنا الصعبة ومواقفنا الإقليمية من قضايا المنطقة "وهنا يذهب إجتهادي الشخصي إلى قضية فلسطين تحديدا، وخططت وسعت لزعزعة أمن وإستقرار بلدنا.
ويذهب فهمي وإجتهادي كذلك، إلى أن تلك الجهة الخارجية، سعت وبالتعاون مع شخص متنفذ وآخرين خارج حدودنا، لتوظيف نشاطات وزيارات سمو الأمير حمزة بن الحسين الداخلية، كرأس حربة لمخططها الرامي إلى إحداث فوضى في بلدنا قد تفضي لا سمح الله إلى أيذاء نظامنا السياسي وسنامه عرش المملكة.
وعليه أعرض ما يلي للإستنتاج والتذكير عل الذكرى تنفع المؤمنين:
أولا: زيارة سمو الأمير الحسين ولي العهد التي كانت مقررة إلى الحرم القدسي الشريف وكيف سعى نتنياهو إلى إفراغها من مضمونها بإعتبارها زيارة لأمير هاشمي لأسرته حق الوصاية على المقدسات، ليجعل منها مجرد زيارة عادية لمسؤول أردني، لا بل وزاد على ذلك وبدهاء بأن وجه بإغلاق جميع طرق القدس المؤدية إلى الحرم لمنع المواطنين الفلسطينيين من الوصول إليه، والهدف هو إزعاجهم وإثارة غضبهم عندما يعلمون ويقال إليهم إن الترتيبات الأمنية لزيارة الأمير هي السبب!.
ثانيا: إلتقط القصر الملكي الأردني الرسالة الخبيثة فقرر إلغاء الزيارة وهذا جيد. وزاد القصر بأن رد بمنع تحليق طائرة كانت تستعد لنقل نتنياهو إلى دولة الإمارات في زيارة كان يعلق عليها آمالا كبيرة كي تدعم موقفه إنتخابيا عشية الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة التي لم تحقق آماله!.
ثالثا: هذا المنع السيادي القوي، أغضب نتنياهو صاحب المواقف المخاصمة للأردن أصلا بسبب تعامل الأردن مع خصومه السياسيين من جهة، وبسبب سياسات الأردن حيال الحل السلمي المنطقي لقضية فلسطين من جهة.
وهنا أستحضر ما قاله حرفيا عبر إحدى الفضائيات جوابا عن سؤال حول منع طائرته من التحليق في الأجواء الأردنية. قال بلغة "جسد" واضحة الإستعلاء، وبدا كمن يستحضر ذهنيا أمرا لا يريد الإفصاح عنه، "سأحلق في أجواء الأردن.. سأحلق في أجواء الأردن"، كررها مرتين، ولم يقل متى وكيف!!.
رابعا: وللتوطئة لإلقاء المؤامرة الدنيئة في حضن الأمير حمزة، كما لو كانت شأنا داخل العائلة المالكة، غرد الموسادي الذي يعرف بنفسه كباحث وكأكاديمي غير مرة بقوله "الأردن على كف عفريت". هذه تغريدة إستخبارية موسادية كعادته دائما حيث يزوده الموساد بنتف معلومات وإشاعات وجميعها موجهة، غردها مرتين مؤخرا. بعدها أواخر الأسبوع الماضي غرد قائلا "الأمير حمزة يعمل بكل قوته كي يكون ملكا على الأردن".
خامسا: كل المؤشرات تدل على أن الفعل والتخطيط إسرائيلي ولكن لا بد من أعوان خارجيين وهو ما نتركه للتحقيقات الجارية عندنا، والهدف هو إحداث بلبلة وفوضى تهدد أمن وإستقرار الأردن لا قدر الله، وبصورة قد تسمح بتدخل جهات خارجية تحت ذريعة حفظ الأمن الإقليمي، ووضع الأردن الرسمي في زاوية قد تضطره لطلب عون خارجي!.
وعليه: الخصوم الخارجيون باتوا تحت الشمس. والمخطط إجرامي لن ينتهي. ولهذا فإن الحكمة والنباهة وقوة الدولة ومناعتها باتت تقتضي وقوة وبالحاح من مراكز القرار في بلدنا ما يلي، وهو ما نقوله من باب النصيحة حرصا على بلدنا من شر الأشرار ونوايا الأعداء والطامعين الذين لا يريدون بنا وببلدنا خيرا وما أكثرهم.
(1): تأكيد تماسك وقوة مؤسسة العرش بوحدة صف أعضاء الأسرة الهاشمية جميعا أمراء وأميرات بريادة جلالة الملك عبدالله الثاني سنام العرش، وسد أية ثغرة يمكن لماكر النفاذ منها لا سمح الله، فقوة العرش وتماسك العشيرة الهاشمية الكريمة، هي الضمانة الأولى لتماسك وقوة نسيجنا الإجتماعي وعشيرتنا الأردنية الكبيرة كلها، ومناعة وحدتنا الوطنية وإلتفافنا حول الوطن والعرش والملك معا وبالرجولة الأردنية المشهود بها ولها تاريخيا.
(2): طي الملف الأخير بأقصى سرعة كي لا يبقى حبلا ممدودا يقفز من فوقه اللاعبون الماكرون بإستقرار بلدنا ومنطقتنا عموما، والإفصاح التام الواضح لشعبنا عن نتائج التحقيقات مهما كانت وأيا كانت أطرافها تأكيدا لمصداقية الدولة في عيون مواطنيها الذين تأخذهم أمواج طوفان المعلومات والإشاعات في إتجاهات شتى.
(3): لا بد من مراجعة شاملة لمسيرتنا الوطنية بروح تشاركية بيننا جميعا دونما إقصاء أو تهميش، فجميعنا ومن كل الأطياف مؤيدين ومعارضين أبناء وطن واحد جل همنا هو صون وطننا من أي عبث أيا كان مصدره.
(4): مراجعة كهذه لا بد وأن تضع دروس سنوات طويلة مضت على مائدة الحوار الأخوي الوطني المعمق وبروح صافية خالية من كل تشكيك أو إتهام أو خضوع للإشاعات، بحيث نجد معادلة وطنية لإصلاح كل خلل وتعظيم كل ما سواه، وتعزيز قواعد وحدتنا الوطنية كشعب واحد مخلص لوطنه ولقيادته ومنذور للذود عن الأردن وهويته ووجوده، ونصرة الشعب الفلسطيني الشقيق وعدالة قضيته وحقوقه المشروعة على تراب وطنه فلسطين.
(5): توجه كهذا يتطلب رجالا يحملون صفة رجال دولة وعن جدارة، يجلسون تحت راية الوطن والملك في قاعة مغلقة تناقش وتدرس وتبحث ثم تقرر بما لا يترك نافذة ولا فرصة لعدو أيا كان ليقترب من بلدنا بسوء.
قبل أن أغادر.. لا مجال للتهاون أو غض الطرف أو الإنتظار، وإلا فنحن وبلدنا في خطر لا قدر الله، والدروس والعبر من حولنا وقريبا منا وبعيدا عنا كثيرة جدا، وجميعها تدعونا للعمل بذهنية جديدة وبنفس جديد يحاكي الظروف ويرد عن بلدنا وطول عمره قوي والحمد لله، كل العاديات والمفاجآت والأطماع وما أكثرها وما ألأمها في هذا الزمان المنفلت من عقاله. أتمنى ذلك من قلب صادق بعون الله، وهو سبحانه من وراء قصدي.