ليس من مهام البنوك تأسيس الشركات ولا إدارتها.. البنوك قناة لتمويل الشركات على أسس تجارية تاخذ بالاعتبار المخاطر والربح والخسارة.
سبق للبنوك أن خاضت تجارب ساهمت من خلالها بتأسيس صناديق وغيرها من الأدوات الاستثمارية سرعان ما انفضت لافتقارها الاستقلالية الإدارية ومقومات النجاح من جهة ولعدم توفر مشاريع مؤهلة للتمويل.
تم أخيراً إطلاق صندوق رأس المال والاستثمار الأردني برأس مال 275 مليون دينار (385 مليون دولار)، الهدف هو الاستثمار في الشركات الوطنية الواعدة ومساعدتها على النمو والتوسع والتطور، ويعزز قدرتها على فرص العمل.
مثل هذه الأهداف لا تحتاج إلى صناديق، لا تحتاج إلى توفر شركات مؤهلة للنجاح لكنها لا تمتلك التمويل وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال سوق راس المال وعن طريق تمويل ميسر تقدمه البنوك بأسعار فوائد منافسة دون أن تتورط في الإدارة.
الصندوق الاستثماري كان دائماً على طاولة البحث والحكومات المتعاقبة تبنت الفكرة لكن تحركها لم يغادر مربع الحماس وهناك قانون لإنشاء صندوق استثماري أردني، استفاد منه حتى الآن الصندوق السعودي الأردني الذي ظفر أخيراً بمشروع صحي.
عدا ذلك لم يستقطب القانون استثمارات البنوك والصناديق السيادية العربية.
مثل هذا الصندوق يحتاج لاستقطاب تمويل من القطاع الخاص والأفراد الذين يحتاجون إلى توفر مشاريع ذات جدوى تعود بالنفع على الاقتصاد وعلى المساهمين في تنمية مدخراتهم.
ما زال هناك من يعتقد أن تحريك الاستثمار يحتاج فقط إلى الإكثار من تأسيس صناديق استثمارية، أما المشاريع فهي تأتي لاحقاً، لذلك ليس مستغرباً أن يكون في الأردن 3 أو 4 صناديق استثمارية لم تنفذ حتى الآن مشروعاً واحداً يشار إليه بالبنان.
الصناديق التي أسستها حكومات ذهبت لذات المشاريع التي لم تخرج دراستها بنتائج مشجعة.
البنوك الأردنية وهي الوحيدة التي تمتلك المال والسيولة لذلك هي القاسم المشترك في كل هذه الصناديق، إما عن قناعة أو على سبيل المجاملة درء الاتهامها بالتقصير في المساهمة بالمبادرات الوطنية، مع أن مهمتها تنحصر في التمويل عن طريق الإقراض..
تجربة الصناديق الاستثمارية الخليجية لا تزال ماثلة فهي لم تجد سوى عناوين لمشاريع فاضطرت لتمويل طرق ومدارس ومستشفيات، وأخيراً مسلخ لأمانة عمان سحب تمويله من القطاع الخاص لتنفذه شركة صندوق مساهمات البنوك بينما غابت المشاريع الكبرى الرأسمالية المشغلة للأيدي العاملة.
تحفيز الاقتصاد الأردني يحتاج إلى إجراءات تطلق يد القطاع الخاص للعمل دون إملاءات ولا قوالب جاهزة.
التساؤل الأساسي هو هل سيكون بإمكان الصندوق القيام بمشاريع تنموية تخدم الاقتصاد الوطني وهي مهمة الحكومات وتحقق أرباحاً مجزية للمساهمين في ذات الوقت؟.
بين هذا وذاك بون شاسع!.
الرأي