لا يزال بيننا مستهترون، ومن هم غير مسؤولين، وغير ملتزمين بأيّ من شروط وإجراءات السلامة العامة، نعم هي حقيقية رغم كل ما وصلت به جائحة كورونا للكثير من الأشخاص والقطاعات من أضرار وأزمات، وأوجاع، فهناك من يصرّ على إدارة ظهره لكل أشكال الإلتزام والوقاية.
لقلّة تحركاتي والسبب بذلك أخذ الحيطة والحذر من وباء كورونا، أظن بأن أوجاع كورونا التي لم تترك منزلا وأسرة في المملكة إلاّ وطرقت بابها، قد أوصلت الجميع من مواطنين ومقيمين للأخذ بإجراءات السلامة العامة على محمل المسؤولية، والتقيّد بما يحمي الأشخاص والمجتمع، لأفاجأ بأنه للأسف الشديد بل من المحزن أنه ما يزال بيننا مستهترون، يضربون بعرض حائط الإهمال وعدم المسؤولية كل مسلّمات السلامة العامة، دون مراعاة بالمطلق لخطورة ما وصلنا اليه ومستوى المنحنى الوبائي الذي وصلت له المملكة.
مشاهدات سلبية للأسف، تغطت بها الممارسات السلبية على الإيجابية في التعامل مع فيروس كورونا، تتمثل في إصرار البعض كبائع في محل للخضروات في أحد أحياء عمان الغربية، واستقباله لعدد من أصحابه في ذات المحل صغير المساحة، دون تباعد أو ارتداء للكمامة، وآخر يبيع القهوة الجاهزة بذات الشارع دون التقيّد بأي من شروط السلامة العامة، والمفاجئ عندما تدخل صيدلية لتجد أحدهم جاء ليشتري أنواعا مختلفة من الدواء، محاورا ومجادلا دون ارتداء الكمامة، فيما لا يجد من يخبره بضرورة وضعها، كون «الصيدلاني» مشغول في توفير طلبات «الزبون» ومحاسبته، ونرى أحدهم يقيم عرسا لإبنه ويدعو له عشرات المدعويين، وغيرها من المشاهد التي تزيد من عتمة واقع الحال وتجعل الملتزم يطالب بمزيد من الضوابط بل والغرامات والمخالفات للقضاء على مثل هذه السلبيات.
مشاهد حقا تصيبنا جميعا بالذهول، فبعد كل ما وصلت له حالتنا الوبائية، ورغم تجاوز عدد وفيات كورونا الـ(7) آلاف وفاة في عام واحد، ورغم تجاوز عدد الإصابات يوميا الـ(8) آلاف إصابة نجد مثل هؤلاء بيننا، يصرون على إيذاء أنفسهم ومن حولهم، وإيذاء مجتمع كامل، وتدمير أي محاولات رسمية لمواجهة الجائحة وايجاد مخارج عملية لها.
وضعت الحكومة عنوانا واضحا للمرحلة، علينا جميعا أن نسعى لتطبيقه بتشاركية ايجابية، متمثلا في الوصول لصيف آمن، وذلك لن يكون إلاّ بتحمل كلّ منا المسؤولية، وأن يسجل الجميع لأخذ اللقاح ضد فيروس كورونا، دون ذلك سنبقى ندور في دائرة فارغة أولها كما آخرها دون جدوى، أو نتائج عملية، عندها سيكون الأردن جزيرة معزولة عن باقي العالم الذي بات يعدّ العدة للإنفتاح الكامل في أشهر الصيف القادم.
هو تحدّ جميعنا شركاء في مواجهته، ليست الحكومة وحدها، كما ليس المواطن وحده، بل مواجهة تشاركية تلزم الجميع بالإلتزام بواجباته، نعم واجباته، فالالتزام اليوم واجب على المواطن والمقيم ومسؤولية اخلاقية تتطلب عملا لا قولا، وما هو مطلوب مختصر بمسارين آمنين أولهما الإلتزام بشروط السلامة العامة وأوامر الدفاع التي لا يزال من يرى فيها غير ضرورية ويخالفها للأسف، والمسار الآخر التسجيل لأخذ اللقاح، وما المسارين إلاّ شكل من أشكال الخروج من نفق كورونا المعتم، وهما غاية في السهولة ولا يوجد بهما ما يثقل على أي شخص.
الكورونا اوجعتنا جميعا، بعزيز وغالي وهذا يتطلب الوقاية، وحماية أنفسنا ومن نحب، وهو أمر مؤلم بالفعل أننا نجد بيننا حتى اليوم مستهر، فلهؤلاء نقول رفقا بأنفسكم وبأسركم، وبالوطن، فكل دول العالم تتقاضى مبالغ طائلة على مخالفة شروط السلامة العامة، وفي وطننا يتم التعامل على مبدأ التشاركية في المواجهة، وعلينا جميعا أن نكون على قدر هذه المسؤولية، ونحن بذلك نقف مع الوطن وحمايته، وعنصر مساندة في معركتنا ضد الوباء لنخرج منتصرين.
الدستور