هل يفعلها "مستشفى الجامعة الاردنية"؟
صالح سليم الحموري
03-04-2021 12:54 PM
عند مراقبتي للتطورات في القطاع الصحي الأردني، والاستماع إلى التحليلات والتقارير بهذا الخصوص عادت بي الذاكرة لتفاصيل وأحداث سابقة عشتُها خلال فترة عملي في مستشفى الجامعة الأردنية في "شؤون المرضى"، حيث تنوعت مهامي حينها ولمدة خمسة عشر عاماً فقط، ما بين مسؤول عن إدخالات المرضى إلى المستشفى، وإدارة السجلات، ثم مساعد مدير التخطيط والتطوير والتدريب، وكنت عضواً في مجموعة لجان منها اللجنة التوجيهية العليا للاعتماد في المستشفى.
في ذلك الوقت كانت المستشفى تعمل بقدرة استيعابية تصل إلى 500 سرير لكافة التخصصات، بما فيها الأطفال، وتمت بعدها توسعته لتصل القدرة الاستيعابية الى 600 سرير. وفي خطة الطوارئ التي كانت معتمدة قبل أكثر من "15 عاماً" كان بالإمكان رفع الطاقة الاستيعابية إلى 1000 سرير. وليس خفياً على أحد، أن المستشفى في ذلك الوقت لم يكن يحبذ إدخال مرضى من وزارة الصحة لأسباب مالية يعرفها الجميع، إذ كانت الوزارة وعلاوةً على أنها تُجري خصومات على المستحقات المالية، كانت أيضاً تتأخر في السداد، فلم يكن للعائد المادي أي جدوى للأطباء كحوافز من هذه الفئة.
ويمكن القول باختصار؛ لم تكن تجربة مستشفى الجامعة الأردنية مع وزارة الصحة تتسم بالشفافية من الطرفين، وما زالت الوزارة تُكرر أخطاءها حتى اليوم؛ فلا تدفع المستحقات المالية المترتبة عليها للمستشفى، فينعكس ذلك سلباً على المردود المالي ويؤثر على إمكانية تأمين اللوازم الطبية، وعلى دفع رواتب وأجور العاملين. ونتيجة للعلاقة غير السوية - وإن أظهر الإعلام عكس ذلك - بين مستشفى الجامعة والوزارة، تأثّر دخل أطباء الاختصاص حيث كان اعتمادهم الأكبر على الحوافز المترتبة على معالجتهم للمرضى من جميع الفئات، وهي "حوافز تم تعظيمها على مدى سنوات".
وأعتقد أنه نتيجةً لتلك التجارب غير السوية مع الوزارة، وخاصة مشكلة الديون المتراكمة؛ لم تُخصص مستشفى الجامعة سوى 100 سرير لمرضى كورونا، حيث أن زيادة أسرّة مرضى الكورونا سينعكس سلباً على دخل المستشفى بشكل عام وعلى دخل أطباء الاختصاص المترتب على العمليات والإجراءات الطبية في كافة التخصصات وعلى دخل مدير المستشفى والمدير الفني والمدير الاداري وهو طبيب ايضاً.
ولكن، وفي الوضع الصحي الحالي، يجب أن تتحمل المؤسسات والأفراد مسؤولية أكبر في قطاعاتنا الحكومية، ليتم احتواء المشكلة والتكيف معها، وتخفيف حالات الضغط على المستشفيات، ومن ثم تقليل نسبة الوفيات الناتجة عن قلة العناية والخبرة الكافية، وتفادياً لمخاطر اكبر قادمة.
وعليه أقدم بعض الأفكار التي من الممكن دراستها في هذا الخصوص:
1. تحويل مستشفى الجامعة الأردنية بالكامل إلى مستشفى تحويلي خاص في العناية الحثيثة لمرضى الكورونا، وبطاقة استيعابية 400 سرير (بعد حصر كل المتطلبات الفنية وتزويده بها فوراً). وبالتالي يتم تحويل جميع المرضى الذين يحتاحون إلى غرف عناية حثيثة إليه.
2. يوضع المرضى تحت إشراف مجموعة من أخصائي الصدرية والعناية الحثيثة بالمستشفى، ويدعمهم أخصائيو الباطني والتخدير.
3. لتأمين أكبر عدد من الكوادر التمريضية والمهن الطبية المساندة، يتم توزيع الكادر على فترتين فقط بدلاً ثلاث لمن يرغب، مع إعطائهم حوافز مادية يمكن أن تصل إلى 250 ديناراً شهرياً. وبذلك نؤمن ما نسبته أكثر من 20% من الكوادر، ومن الممكن الاستعانة بالمتقاعدين من المستشفى من الأطباء اصحاب الاختصاص ومن "الممرضين وفنيي اجهزة التنفس وغيرها"
4. تقوم وزارة الصحة بتأمين المستشفى فوراً بجميع المستلزمات الطبية وغير الطبية والغازات وغيرها، على أن تتحمل التكاليف مباشرة.
5. تقوم الوزارة بتغطية رواتب الموظفين والأطباء "مع حوافز مقبولة" لتعويض إيرادات المستشفى.
6. يسجل المستشفى التكلفة المالية على المرضى ليتم عمل مقاصة بعد انتهاء الجائحة وللتعرف على تكلفة علاج كل مريض.
7. يتم تجهيز أماكن مناسبة للمبيت للأطباء والممرضين والكوادر العاملة.
8. تؤمن وزارة الصحة الكوادر الطبية وغير الطبية في المستشفى بوجبات الطعام كاملة عن طريق التعاقد الخارجي، ليتم تخصيص كامل مطبخ المستشفى لإطعام المرضى.
9. وكمقترح يمكن عرضه على القطاع الخاص، وعلى من يرغب المساهمة في دعم جهود مستشفى الجامعة، تقوم الشركات والقادرون بدفع تكلفة علاج مرضاهم بشكل طوعي، أو تقوم الشركات انطلاقاً من مسؤوليتها المجتمعية بتغطية علاج بعض المرضى، او التبرع في المستلزمات والادوية والاكسجين.
10. إيجاد حلول للمؤمنين في مستشفى الجامعة الأردنية والسماح لهم في العلاج في الشبكة الخارجية للتأمين على أن تتحمل وزارة الصحة الفروقات.
تتحق الحلول الابتكارية دائماً بطرح أفكار كثيرة، ثم دراستها والأخذ في الحلول المنطقية والعلمية الأقرب إلى الصواب، بشرط إشراك جميع اصحاب المصلحة؛ المؤثرين منهم والمتأثرين.