في رِثائكُم
المحامية آية توفيق المهيرات
03-04-2021 12:58 AM
يومياً أَتَسَمَّرُ أمامَ القنواتِ الإخبارية على أمَلِ أنْ تنتهي مُقارناتي بِعدَدِ الوَفَيات عن سابقِ الأيام ، بأنَّها قَدْ قلَّت!
لأعُود في كـُلِّ مَرَّة بُـخفي حُنَين أتجـرَّع صدمة الإزدياد ..
أُتَمتِمُ بِحُرقة :
" ألا يا مَوتُ وَيحَكَ لَمْ تُراعِ حُقوقاً للطروس ولا اليراعِ ... "
ومِنْ بابِ تَجـارُبِ التخـفيفِ عن الـذَّات !
وفي محـاولاتٍِ لإخمـاد الخوف على الأهـل والأَحـباب ، مِنْ مَكـرِ الطاعون !
ومِنْ مَخاطِـر الطريـقِ المَجنـون !
أو حتى حـوادثِ السَّيـرِ المَلعـون !
ومِنْ كُـلِّ شـرورِ هذا الوقـتِ المَرهـون !
أَتصفَّـحُ مِنصَّـاتِ التواصـلُ الإِجتمـاعـيّ ، لعـلِّي أجِـدُ فيها ما يُنسيـنـي عَـلْقَـم هـذهِ الأيـام الموبـوءَة بالمصـائِـب والأَسْقَـام
فأَكـونَ في مُـرٍّ لِأُصْـبِحَ فـي أَمَـرّ !
مَنـصَّـاتٍ باتَـتْ بُيـوتَ عـزاءٍ إلكـترونيـة !
وحسابـاتٍ شخـصيّـةً هَجَـرَها أَصْـحابُـها تاركـينَ لـنا الـحُـزنَ والحَـسرة !
وأحـباباً كانوا معنا أَمـس ، غادرونا بِلمـحـةِ بَـصَـر !
ذَهبُـوا ومـا ذَهـبت آثـارهـم ...
ضَحِـكاتهم !
نظـراتـهم !
مـواقِـفهم!
تـفاصـيلَ جَـمَعَـتْنـا وإيُّـاهم ، أبـت أنْ تَخـْطُوَ الرحيـلَ ورائَـهم !
غابـوا ومـا غابـت الأحـزان !
وكأنَّنـا في آخـر الزمـانِ والمـكان !
جنـازةٌ تلو جـنازة ، وفي كـل بيتٍ صارَ الفقدُ عُرفاً وعادة !
امتلَأتِ المَـقـابر ...
وفاضَـت الدمـوعُ في المَحَـاجر ...
وهذا مغـادرٌ ، وذاك حـائـر !
"فـحكـم المنيـةِ في البـريـة جارٍ ...
ما هذه الدنيا بدار قرارٍ ! "
والله لإنَّها أيامٌ ثِقال ...
" وَصَـارَ اللَّيْلُ مُشْتَـمِلاً عَلَـيْنَا ، كأنَّ الليـلَ ليـسَ لـهُ نهـارُ "
أخـشى أنْ يَـزِلَّ لِـسانِـيَ ، هاتـفاً بِـحُـرقة :
استَـعْـجَـلتُـم الرَّحـيل !
يا مَنْ فـقدْنـاكُـم في هذا العام ، عامُ لا كَكُل الأَعوام ، هُنا فقيد ، وذاكَ شهيد ، ومـقـابـرَ كـأنَّـها تقـولُ " هـل مـن مزيـد " ...
ولعلِّي أستذكر ما خطَّتْ بِه أنامِلُ أبي البقاء ، حين قال :
وهـذهِ الـدارُ لا تُبْـقِي عَـلى أحَـدٍ ولاَ يـدُوْمُ على حـالٍ لهـاَ شَـانُ ...
ولأكـونُ مـن الصـادِقيـنَ مـع أنـْفُـسِهم ، عَلَت كلِماتي عِـنواناً حمَّلَنِي العِبءَ الكبير ، فَفِي رِثائكم لا كلامَ يُقال !
أسألُ اللهَ لَكُم الرحمةَ جميعاً يا من سَبقتونـا ولَكُم الأسـباب ، وافْتَرَشْـتُـم لَحْداً التـُراب ، أحبابَ وأغرابْ ...
دامَت آثارُكم طيبة.