“استدامة” بحاجة لإعادة إخراج
محمود الخطاطبة
03-04-2021 12:06 AM
قد تكون القرارات والإجراءات التخفيفية والتحفيزية، التي اتخذتها الحكومة في الأول من شهر نيسان الحالي، تتضمن الكثير من الإيجابيات، التي تعود بالنفع على عدد من المواطنين، لو أنه تم إخراجها بطريقة ثانية، أفضل مما تم الإفصاح عنه.
سأتناول في هذا المقال، قرارا واحدا فقط، من تلك القرارات والإجراءات، والتي بلغت تكلفتها نحو 448 مليون دينار، ويتمثل ذلك بتمديد برنامج “استدامة” حتى نهاية العام 2021.
ورغم أن هذا البرنامج، قد تم الكتابة فيه وحوله الكثير الكثير، إلا أنه من الأهمية تسليط الضوء عليه أكثر، كونه يقف بصف أصحاب رؤوس الأموال، متضمنًا جورًا وظلمًا على عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص.
يبدو أن الذي دفع أو أشار بالاستمرار ببرنامج “استدامة”، حتمًا لا يعلم شيئًا عن هموم المواطن، وخصوصًا أولئك الفقراء أو محدودي الدخل، الذين أصبحت العشرة دنانير تُشكل فارقًا مهمًا في وضعهم المعيشي.
إن من نصح بالتمديد لذلك البرنامج، لا يُقيم وزنًا لمعاناة ومآسي الأردنيين، ويبدو أن همه الأول والأخير، هو مصلحة أصحاب رؤوس الأموال، الذين أرصدتهم المالية في ازدياد مستمر، والعديد منهم يُهربون أموالهم، التي حصلوا عليها بعرق وتعب الأردنيين، إلى خارج هذا البلد، كي ينعموا بها هناك في بلاد، تُقيم وزنًا لكرامة الإنسان وحريته.
متوسط الراتب الشهري، للعاملين في القطاع الخاص، تقريبا 500 دينار، يذهب منها ما بين 180 و230 دينارًا شهريًا كأجرة بيت، أو قسط بنك إذا كان مالكًا للشقة، وتقريبا 20 دينارًا بدل فاتورة كهرباء.. ثم تأتي الحكومة وتخصم جزءا من المبلغ بحجة “لمحافظة على فرص العمل في القطاع الخاص”.
إن المبلغ المتبقي بعد ذلك الخصم، هو مائة دينار، فهل تستطيع الحكومة أو «ناصحها»، أن تُعلل لنا كيف سيتمكن المواطن، وأسرته، العيش ثلاثين يومًا بمائة دينار فقط؟
ثم إن «استدامة» برنامج يتضمن سلبية، كتبنا عنها كثيرًا، تخص كل أردني مشترك بالمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وتتمثل بـ»التجرؤ» على أموال الضمان، التي هي بالأصل أموال الأردنيين، و»تحويشة» العمر.
فحسب ما تدعي الحكومة، فإن هذا البرنامج تبلغ كلفته خلال الفترة الواقعة ما بين الأول من حزيران وحتى الواحد والثلاثين من شهر كانون الأول 2021، خمسة وسبعين مليون دينار، منها 25 مليون دينار يدفعها «الضمان»، والباقي تُدفع من خزينة الدولة.
وفي ذلك أكثر من علامة استفهام، فكيف تبلغ تكلفة «استدامة» خلال ستة أشهر 200 مليون دينار، وهي الفترة الممتدة ما بين كانون الأول الماضي وحتى أيار المقبل، وحاليًا خلال الفترة نفسها سيُكلف 75 مليون دينار؟.
مرة ثانية، أؤكد أنه لو تم إخراج برنامج «استدامة»، بسيناريو ثان، لكان أفضل لجميع الأطراف، سواء موظف القطاع الخاص أو أصحاب رؤوس الأموال أو مؤسسة الضمان.
كان الأفضل عدم خصم رُبع قيمة ما يتقاضاه العامل في المنشآت الخاصة، طبعًا الأكثر تضررًا، ثم إعفاء صاحب العمل من دفع اشتراكات موظفيه المستحقة لـ»الضمان»، شريطة أن تدفعها الأخيرة.. وبذلك يخف الثقل عن صاحب العمل، وكذلك مؤسسة الضمان، فضلًا عن عدم حرمان العامل من اشتراكات «الشيخوخة».
(الغد)