لا يدقق السياسيون ذوي السلطة فيما تضمن التراث الفكري الإنساني من تحذيرات وتوجيهات لأنهم ليسوا من أهل الثقافة العالية ولا يهمهم ذلك لكنهم يعكفون على حفظ وتطبيق نصائح نيقولا ميكيافللي في كتابه الأمير حتى أن محمد أحمد الراشد الداعية الإسلامي قال :" كتاب الأمير دستورهم " .
لا يعنيهم ما قاله عالم الاجتماع الإسلامي ابن خلدون في مقدمته( الظلم مُؤذن بخراب العمران) مع أن قوله حقيقة تاريخية على مستوى البشر جميعا" دون استثناء.
ما دام منطلق السياسي صاحب السلطة تثبيت سلطته فإنه لا يأبه ولا يدقق في أدوات تثبيت السلطة سواء كانت أخلاقية أو غير أخلاقية. لما وقف فرعون وقال " أنا ربكم الأعلى" لم يكن يتصور أنه سيكون في عاقبة وخيمة !! نعم تسرب إليه شيء مما كان يقول " أنا ربكم" فظن أن الموت لا يلحقه ولهذا راح يقتل ويسترق ويُصلّب الناس في جذوع النخل ولكن خاب ظنه وذهب إلى مزابل التاريخ. لما تجبر هتلر لم يخطر بباله أنه أضعف مما يتخيل فظن انه سيكون حاكم العالم ولما فشل لم يجد أن شخصه الفاشل يستحق الحياة فانتحر وتنفس العالم بعده الحرية وذهب هو الآخر إلى غير رجعة . الطغاة هم الطغاة مهما تدثروا وزينوا ظواهرهم لخداع البسطاء لكن الناس تعرف فجورهم وشهواتهم وأطماعهم وامتصاصهم للدماء . لم تخل قارة ولا حقبة ولا أمة من مصاصي الدماء بالقوة والفرعنة تارة وبالقوانين المفصلة تارات أخرى . وصل جنون العظمة بواحد منهم ليسمي نفسه " ملك ملوك أفريقيا " وراح آخر عبر التضليل الإعلامي نحو
" الزعيم الأوحد وحبيب الأمة "ووقف ثالث يقول لبرلمانه " إن روحي تراقبكم وأنتم تتحدثون تحت القبة " بينما راح واحد منهم يخاطب شعبه الذي يضم عشرات الملايين بصيغة التفخيم لنفسه والتحقير لهم" شعبنا العزيز لقد خاطبناك وقلنا لك.." .وخلع واحد منهم على نفسه لقب " الرئيس المؤمن ".
اذا كانت الفرعنة هي هي فإن العاقبة كذلك هي هي ، لعنةٌ في صدور المقهورين ، وتاريخُ المدونين ، والعقوبة المؤكدة عند رب العالمين الذي يمهل للظالم حتى اذا أخذه لم يفلته . ما أجمل اسمك رب العالمين فأنت من يقتص من الظالم للمظلوم.
عجز المقهورون لكن الظالمين أعجز يوم تغادر أرواحهم هذه الأجساد البالية " ومن يعمل مثقال ذرة شرا" يره.