الاتفاقية مع أمريكا لنا ام علينا ؟
د. عدنان سعد الزعبي
02-04-2021 05:01 PM
هل كان تجديد الاتفاقية العسكرية الأردنية الامريكية هي مصلحة اردنية ام مصلحة أمريكية ام الاثنين معا , وهل هي جديدة ام هي امتداد لاتفاقية انتهىت مدتها في الشهر الماضي وتم وضع اتفاقية جديدة وافقت عليها الحكومة , وهل كان خطأ الحكومة بهذه الاتفاقية هي المراحل الدستورية التي كان من المفروض التقيد بها , فقد سبق للاردن ان رفض مطلب امريكي في حرب الخليج الثانية ادخال جيش امريكي للاردن لضرب العراق فاحترام الامريكان قرار البرلمان ؟ . فالموضوع يتعلق بالسيادة والقرار السيادي , من هنا كان الاجدر على الحكومة تمرير الاتفاقية حسب مراحلها الدستورية، وعدم وضع نفسها بهذا المأزق لأننا واثقون بان الاتفاقية ستمر وان معارضتها في علم المناورة السياسية مطلوب جدار ، لان الشعوب الحية كما تنادي بها الفلسفة الامريكية هي التي تحترم الراي والراي الاخر.
أن الاتفاقية التي وافقت عليها الحكومة الأردنية الشهر الماضي،ونشرت بالجريدة الرسمسة قبل خمسة أيام كان الأردن بأمس الحاجة لها في مثل هذا الظرف الدقيق كما يشير البعض , على اعتبار انها تعزز من استقرار الأردن ، كحليف استراتيجي مهم للولايات المتحدة، وبنفس الوقت تأكيد الولايات المتحدة على ادامة مثل هذه العلاقة الاستراتيجية ، بل تجد من عمق هذه العلاقة مصلحة أمريكية في المنطقة خاصة مع تجدد استراتيجيتها بتخفيض تواجدها في المنطقة , في ظل الحديث عن الانسحاب الأمريكي من العراق وسوريا، واستمرار الحاجة للوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة. فالأردن ثالث أكبر دولة تتلقى مساعدات عسكرية من واشنطن ،وتمتاز بعلاقة تاريخية جعلت من أعضاء الكونغرس يصرون على نفس حجم المساعدات للاردن رغم محاولات إدارة ترامب تخفيضها الى الثلث. ، فالاتفاقية تمنح الامريكان إقامة قاعدة كالقواعد المتناثرة في الوطن العربى وستعيد الموقف الأردني والرؤى الأردني الى طليعة المواقف في المنطقة بعد محاولات التهميش التي عاشها الأردن على مدار السنوات الأربع السابقة ومحاولات دول إقليمية زعزعة استقرار المنطقة.
ويبدو أن ذلك الوضع سوف يختفي قريباً. نحن جزء من التحالف ضد الارهاب والمتطرفين، ولطالما كان الأردن حليفاً أساسياً للولايات المتحدة، ومنذ عام 2014 التي اثبتت تزايد الأهمية اللوجستية والجيوسياسية وعملياتي للاردن في المنطقة. ويشير المحللون الاقليميون ان الاتفاقية لن تشتمل وجوداً عسكرياً أمريكياً كبيراً في الأردن، لأن واشنطن تريد الانسحاب من الشرق الأوسط، لكنها ستركز على تعزز قدرات الأردن في مواجهة محاولات زعزعة استقراره، من دول إقليمية ومن المتطرفين.
والحقيقة التي يجب ان نصارح بها انفسنا هي اننا في حاجة ماسّة إلى المساعدة العسكرية والتعاون الأمني باعتبارها خطوة ضمن استراتيجية اردنية واوراق رابحة في جعبة الملك عبد الله لحماية الموقف والكرامة الأردنية المتوارثة ، وإعادة القضية الفلسطينية للواجهة ، ودعم اللاجئين ومواجهة تبعات ازمة كورونا . يتقن الملك استخدامها، وهذه المرة بثمن لا بد وان ينعكس إيجابا على الأردن.
فامريكيا معنية بشكل مباشر ، منح الأردن الضمانات التي يحتاج إليها لحفظ استقراره ودوره في مواجهة التغيرات التي حاولت إدارتي ترامب ونتنياهو و تمدُّدها نحو التحالف الخليجي الإسرائيلي،من النيل منها وتهميشها . الولايات المتحدة تجدد تأكيدها على ، استقرار الدولة الأردنية في ظل مَشرق شديد التوتُّر، وستعمل على إيجاد حلٍّ للقضية الفلسطينية يُرضي حلفاءها القدامى ولا يدفعهم للبحث عن علاقات بديلة قد تضرُّ بأهداف واشنطن الإقليمية والدولية، على غرار ما قامت به تركيا في السنوات الأخيرة بالفعل ،وتفهم أمريكيا للنوايا الدفينة التي تنتهجها بعض الإدارات الإيرانية رغم محاولات الغزل التي تبدوا بالتصريحات. خاصة وان إدارة ترامب تؤمن بان العلاقة الخليجية الإسرائيلية علاقة سطحية لا يقبلها الشعب الخليجي بارثه الديني والعربي وسرعان ما سينقلب السحر على الساحر.
ادارة بايدن التي انتقدت ما قامت به الإدارة السابقة والعبث بالإرث التاريخي لتحالفات واشنطن التقليدية،التي حافظة على المصلحة الامريكية عبر الصراعات والمنافسات على المنطقة . في ظل تنافس كبير ظهر جليا بالحرب على سوريا . الواضح أن هناك فرصة حقيقية لعودة العلاقات الأردنية الأميركية إلى مسارها الصحيح خلال السنوات الأربع المقبلة، ومعها سيمتلك الأردن مساحة لمواجهة عنهجية نتنياهو وكسر كبريائه -كما فعل الاردن قبل أسبوعين- عندما رفض عبور طائرة نتنياهو الى الخليج بطريقة لم تكن متاحة طوال سنوات رئاسة ترامب.
تصريح وزير الخارجية امام مجلس النواب وتأكيده بأن الاتفاقية لا تمسّ السيادة الوطنية وأن الأردن لا يقبل أي استعمار، ولا تسمح الاتفاقية لقوات الجيش الأميركي بالقيام بأي أعمال تمس السيادة بل تأتي في إطار التدريب، والقرار السيادي لكل ما تقوم به هو للأردن. وهي ضمانات حكومية والتزام حكومي امام مجلس النواب الذي ادرك عمق وابعاد مثل هذه الاتفاقايات وابعادها على الصعد السياسية والعسكرية والأمنية للمنطقة.