مع الصحافة الالكترونية حصل تغير كبير على فئة القراء الذين يبعثون ردودهم على مواد الصحف, لقد انتهى مفهوم "زاوية القراء" أو "بريد القراء".

فيما مضى كان القارئ الذي يكلف نفسه عناء الرد يضطر إلى القراءة بتمعن وعناية, وكان يقضي وقتاً طويلاً في التفكير وإجراء عمليات التبييض والتسويد عدة مرات بحثاً عن العبارات التي تحفز الصحيفة على نشر رده.

كان مرسلو الردود يخافون من عدم النشر فيكتمون أمر إرسال الرد في أنفسهم, فإذا حصل ونشرت ردودهم فإنهم كانوا يبتهجون ويبلغون معارفهم واصدقاؤهم بذلك, وقد حصل معي ذلك قبل أكثر من ثلاثين عاماً عندما أرسلت رداً على مقال للدكتور سليمان البدور ولم يكن قد أصبح دكتوراً بعد, وابتهجت كثيراً بنشره. وفي الواقع لم تكن الصحف تنشر الكثير من الردود وكان الانطباع العام أنها لا تنشر بسهولة, وفي كثير من الأحيان كانت الصحيفة تبعث الرد إلى الكاتب ذاته ليقرأه وحده فيبتئس أو يفرح بحسب المحتوى.

مع المواقع الالكترونية تفوقت الردود في أهميتها على المقالات والمواد المنشورة ذاتها, وصار الاسم الدارج للردود هو "التعليقات", وهي تسمية أعلى مرتبة من الأولى لأنها غير مشروطة بالالتزام بموضوع معين, واليوم يتبادل الناس سؤالا مثل "هل قرأت التعليقات?", ومن حسن الحظ أن "ماوس" الكمبيوتر يسهل الانزلاق إلى التعليقات وتجاوز المادة المنشورة, وكثيراً ما يدخل المعلقون في نقاش حاد فيما بينهم حول أمور شتى بعيدة عما نشر فعلاً فيما يبتهج الموقع لأنه "جاءته تعليقات كثيرة".0


ahmad.abukhalil@alarabalyawm.net

العرب اليوم